الله صلى الله عليه وآله (1) انظر في أمر القضاء بين الناس نظر عارف بمنزلة الحكم عند الله فان الحكم ميزان قسط الله الذي وضع في الأرض لانصاف المظلوم من الظالم والاخذ للضعيف من القوى وإقامة حدود الله على سننها ومناهجها التي لا تصلح العباد والبلاد الا عليها فاختر للقضاء بين الناس أفضل رعيتك في نفسك أجمعهم للعلم والحلم والورع ممن لا تضيق به الأمور ولا تمحكه الخصوم ولا يضجره عي العي ولا يفرطه جور الظلوم ولا تشرف نفسه على الطمع ولا يدخله إعجاب ولا يكتفى بأدنى فهم دون أقصاه أوقفهم عند الشبهة وآخذهم لنفسه بالحجة وأقلهم تبرما (2) من تردد الحجج وأصبرهم على تكشف الأمور وايضاح حجج الخصمين لا يزدهيه الاطراء ولا يشليه (3) الاغراء ولا يأخذ فيه التبليغ بأن يقال قال فلان وقال فلان فول القضاء من كان كذلك ثم أكثر تعاهد امره وقضاياه وابسط عليه من البذل ما يستغنى به عن الطمع وتقل حاجته إلى الناس واجعل له منك منزلة لا يطمع فيها غيره حتى يأمن من اغتياب الرجال إياه عندك ولا يحابى أحدا للرجاء ولا يصانعه لاستجلاب حسن الثناء وأحسن توقيره في مجلسك وقربه منك ونفذ قضاياه وامضها واجعل له أعوانا يختارهم لنفسه من أهل العلم والورع واختر لأطرافك قضاة تجهد فيهم نفسك على قدر ذلك ثم تفقد أمورهم وقضاياهم وما يعرض لهم من وجوه الاحكام ولا يكن في حكمهم اختلاف فان ذلك ضياع للعدل وعورة في الدين وسبب للفرقة
(١٦)