فيها الجراح ثم عاد إلى الإسلام فلا قود، لأن القصاص إنما يجب بالقطع وكل السراية، بدليل أنه لو قطع مسلم يد مسلم فارتد المقطوع ومات على ردته لا قود عليه، ولو قطع يد مرتد فأسلم المرتد ومات مسلما لا قود فيه، فإذا كان وجوبه بالقطع وكل السراية فإن بعض السراية هنا هدر، لأنها حال الردة، فقد مات من أمرين مضمون وغير مضمون فسقط القود، لأن القصاص لا يتبعض، وإن عاد إلى الإسلام قبل أن يكون لها سراية حال الردة ثم مات قال قوم: لا قود، لأنه حصل حال السراية حال لو مات فيها لا قود فوجب أن يسقط القود رأسا، وقال آخرون: عليه القود، لأن الجناية وكل السراية حصلت حال التكافؤ فكان عليه القود، وهو الأقوى عندي (1). وتبعه ابن البراج (2).
وقال في الخلاف: الأقوى عندي أنه يجب عليه القود، لأن الإسلام وجد في الطرفين حال الإصابة وحال استقرار الدية فتجب الدية كاملة أو القود، وهذا عندي أقوى (3).
لنا: أنه لو قتله قاتل حال رجوعه إلى الإسلام لوجب عليه القود، وإن سرت جراحة الأول مدة مديدة والقتل هنا مستند إلى الجناية فكان على فاعلها القود كغيره.
مسألة: قال ابن الجنيد: وعفو المقتول خطأ عن جنايته كوصيته يصح منها ما يصح من وصاياه، فأما عفوه عن القاتل عمدا فباطل لا يصح لوجهين:
أحدهما: أنه عفا عما لا يملك، والثاني: أنه وصية لقاتل عمد (4)، وهي لا تصح عندنا، ولو شاء ولي المقتول عمدا العفو لم يكن له ذلك إذا كان على المقتول