دين لا وفاء له إلا إذا ضمن الولي الديون، ولو كانت الجناية جراحة خطأ فآلت إلى التلف وكان المجني عليه قد عفا عن الجرح كان على عاقلة الجاني الدية إلا قدر دية الجرح الذي عفا له عنه، فإن كان عفا عن الجرح وما يتولد منه كان ذلك كالوصية إن كانت الجناية عمدا فآلت إلى التلف وقد عفا عن الجراح وما يتولد منه من قصاص أو دية، فإن قال: وإن كانت نفسا لم يصح العفو عن النفس، لأن ذلك حق يجب لغيره فنزيل القود، للخلاف والشبهة، ونوجب الدية على القاتل في ماله.
وقال الشيخ في المبسوط: إذا قطع إصبعه عمدا ثم عفا المجني عليه فإن سرت إلى الكف فلا قود في الإصبع، لأنه قد عفا عنه، وأما الكف بعد الإصبع فلا قود فيها، لأنه لا قصاص في الأطراف بالسراية، ويجب على الجاني دية ما بعد الإصبع وهو أربع أصابع، وسواء قال: وعما يحدث منها أو لم يقل (1)، لأن الحادث هنا وجوب دية ما بعد الإصبع فهو عفو وإبراء عما لم يجب، وإن سري إلى النفس فالقود في النفس لا يجب، لأنه عفا عن القود في الإصبع، وإذا سقط فيها سقط في الكل، لأن القصاص لا يتبعض، وهذا القصاص يسقط عن النفس، سواء قلنا: يصح الوصية من القاتل أو لا نقول، لأن القولين معا في ما كان مالا، فأما القصاص فإنه يصح، لأنه ليس بمال بدليل أنه قد يعفو عن القود من لا يصح أن يعفو عن المال كالمحجور عليه للسفه.
والذي رواه أصحابنا أنه إذا جني عليه فعفا المجني عليه عنها ثم سرى إلى نفسه أن لأوليائه القود إذا ردوا دية ما عفا عنه على أولياء المقتص منه، فإن لم يردوا لم يكن لهم القود. فأما دية النفس فإن قال: عفوت عنها وعما يحدث من عقلها فإن كان بلفظ الوصية فهو وصية لقاتل، وهل تصح؟ قال قوم: لا، لقوله