فإن هم حلفوا استحق الولي الدية على المحلوف عليه أو على عاقلته، فإن تشاح الشهود في اليمين أقرع بينهم فأيهم حلف أخذ بقوله، وإن نكلوا جميعا عن اليمين كانت الدية على القاتلين على الذي شهد عليه ثلاثة ثلاثة أخماس من الدية، وعلى الذي شهد عليه اثنان خمسا الدية، فإن كان الثلاثة الشهود يشهدون على الاثنين أنهما قتلا والشاهدان يشهدان على الثلاثة الذين شهدوا عليهما أنهم القتلة فإن أقسم الولي على إحدى الطائفتين كان له الخيار فيهم في القود أو الدية، وإن لم يقسم الولي على أحدهما كانت الدية بينهم على الشاهدين ثلاثة أخماس الدية وعلى الثلاثة خمساها.
وفي هذا الكلام إشكال، أما حبس المدعى عليه قبل إثبات الحق فقد سبق البحث فيه مع الشيخ.
والوجه أنه لا يحبس، لأنه تعجيل للعقوبة قبل ثبوت سببها، وكذا لو ادعى الولي البينة، وأما تعارض البينات فالوجه أن الولي على أيهما ادعى سقط حقه عن الآخر وثبت دعواه بالبينة، ولا يحتاج إلى القسامة، بل يثبت القود مع الدعوى والشهادة بدون القسامة وإحلاف الشهود لا سبيل إليه إذا لم يعهد ذلك في الشرع، ولا يقسم الدية أخماسا، بل يثبت على من يتوجه الدعوى عليه، وإذا شهد كل من المشهود عليه والشاهد على صاحبه سقطت الشهادة مع حصول الشبهة وقيام التهمة.
مسألة: قال ابن الجنيد: وللولي أن يقتل قاتل قريبه بمثل القتلة التي قتله بها إن وثق بأنه لا يتعدى، والاختيار ألا يقع القود إلا بالسيف.
والمشهور عند علمائنا أنه لا يمكن من ذلك، بل يقتل بالسيف، لما رواه موسى بن بكر عن العبد الصالح - عليه السلام - في رجل ضرب رجلا بعصا فلم يرفع العصا حتى مات، قال: يدفع إلى أولياء المقتول، ولكن لا يترك يتلذذ به،