والمذكورات بالنسبة إلى ذلك العنوان في غاية القلة، بل تلحق بالعدم، فلا يتنافى خروجها مع الدعوى المتقدمة، بل انصراف الأدلة عنها ربما يصحح الدعوى، فتدبر.
ثم إن الإكراه في المقام: حمل الغير على شئ قهرا، كما هو أحد معانيه لغة (1)، وهذا هو المناسب للرفع، ولما ورد من أن: «الجبر من السلطان، والإكراه من الزوجة» (2) سواء كان ما يقهره ويحمله عليه مما يكرهه أم لا; لما عرفت من أن الإرادة ربما تتعلق بالمكروهات، وقد تتعلق بما يشتاق إليه (3).
فقد يكون شئ مشتاقا إليه بحسب الطبع، لكن بواسطة الترجيحات العقلية لا تتعلق به الإرادة، بل تتعلق بتركه، كشرب الماء للمستسقي، فحينئذ إن ألزمه جابر على شربه، يكون شربه عن إكراه مكره.
وليس معنى إكراهه حمله على ما يكرهه، وإن كان أحد معانيه، رغما لقواعد باب الإفعال; ضرورة أن المعاملة التي تعلقت الإرادة بتركها - لأجل الترجيحات العقلية - وإن اشتاقت النفس إليها، لو أوجدت بإلزام القاهر وإجباره تقع باطلة.
وكذا لو اشتاقت النفس إلى إيقاع معاملة بحسب حوائجها، وكان الشخص بصدد إيقاعها، لكن عند أمر آمر بإيقاعها ا عنه وأراد الترك، لا للكراهة عنها، بل لكراهة إطاعة أمره، فأوعده على الترك فأوجدها، يكون مكرها عليه وإن اشتاق إلى ذات المعاملة، وقد حقق في محله عدم سراية الكراهة من