وأما ما أفاده الشيخ (قدس سره) (1) وغيره (2) من مثال المزاحمة: بأن دخل فقيه في مقدمات فعل ووضع يده عليه، هل للآخر مباشرة نفس الفعل الذي لم يقع من الأول؟ فالظاهر أنه ليس من باب المزاحمة; لأن الثاني لم يزاحم الأول في وضع يده، ولا في سائر المقدمات.
ومباشرة نفس البيع الذي لم يتكفله الآخر، ليست مزاحمة، لا في المقدمات، ولا في ذي المقدمة، بخلاف ما ذكرناه من الأمثلة، فإنها من باب المزاحمة، كما لا يخفى.
ثم إنه لا إشكال في عدم الإشكال الثبوتي في المقام; فإن مزاحمة أحد الفقيهين للآخر ليست كمزاحمة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والإمام (عليه السلام)، التي يكون جوازها مخالفا للمذهب، فلو ورد دليل ظاهره ذلك، لا بد وأن يأول أو يطرح.
إلا أن يقال: إن للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أو الإمام (عليه السلام) أن يجيز مزاحمته في بعض الأمور، ففي الحقيقة لا يكون ذلك مزاحمة، بل الإجازة تخرجه عن المخالفة.
وكيف كان: لو دل دليل على جواز مخالفة الفقيه، لا مانع من العمل به، لكن الشأن في ذلك.
وإجمال الكلام: أن المستند لولاية الفقهاء لو كان ما دل على نيابتهم وولايتهم، فهل يمكن إطلاقه لحال المزاحمة؟
فيه إشكال: من جهة أن القيود التي تأتي من قبل الحكم، لا يمكن أن تؤخذ في الموضوع، فالتقييد بها محال، ومعه لا مجال للإطلاق.