حكم الولاية حيثي على الأمور المذكورة، وليس مقتضى الإطلاق إلا ثبوت هذا الحكم الحيثي عليها، لا جواز المزاحمة للفقيه الذي يرجع إلى تحديد سلطنته الذي هو نحو ولاية عليه.
نظير قوله تعالى: (احلت لكم بهيمة الأنعام) (1) فإنه لا يقتضي حلية البهيمة التي للغير، وإن اقتضى حليتها من جهة كونها بهيمة حتى حال كونها مال الغير، وله نظائر كثيرة، كقوله تعالى: (فكلوا مما أمسكن) (2) وقوله تعالى:
(فكلوا مما ذكر اسم الله عليه) (3).
وبالجملة: الولاية على مال الصغير - بما أنه ماله - وإن كانت ثابتة عليه حتى حال كونه تحت يد فقيه آخر، لكن لا يقتضي ذلك ولاية على الفقيه، ولا جوازا لتصرف في سلطانه، ولا منافاة بين الحكم الحيثي والحكم الفعلي المقابل له.
فبهيمة الأنعام حلال من حيث هي بهيمة، وحرام من حيث كونها ملكا للغير، ولا يستفاد من أدلة الولاية ولاية الفقهاء بعضهم على بعض، بل لا يعقل أن يكون فقيه وليا على فقيه ومولى عليه.
وبعبارة أخرى: إن سلطة فقيه على مال ونحوه سلطة بحق، ولا بد في رفعها من السلطة عليه، ولا تكفي السلطة على المال.
نعم، مقتضى الولاية دفع سلطنة الغاصب واليد الجائرة.
ويمكن أن يقال: إن مقتضى إطلاق «الخلافة» و «الوراثة» أن يكون لكل فقيه كل ما كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم); فإن الظاهر من الأدلة أن كل فقيه خليفة ووارث.