والمظنون أن السؤال كان بهذا العنوان، فأراد السائل الاستفسار عن تكليفه أو تكليف الأمة في الحوادث الواقعة لهم، ومن البعيد أن يعد السائل عدة حوادث في السؤال، ويجيب (عليه السلام): بأن الحوادث كذا، مشيرا إلى ما ذكره.
وكيف كان: لا إشكال في أنه يظهر منه أن بعض الحوادث التي لا تكون من قبيل بيان الأحكام، يكون المرجع فيها الفقهاء.
وأخرى من ناحية التعليل: «بأنهم حجتي عليكم، وأنا حجة الله».
وتقريبها: بأن كون المعصوم حجة الله، ليس معناه أنه مبين الأحكام فقط; فإن زرارة ومحمد بن مسلم وأشباههما أيضا أقوالهم حجة، وليس لأحد ردهم وترك العمل برواياتهم، وهذا واضح.
بل المراد بكونه وكون آبائه الطاهرين (عليهم السلام) حجج الله على العباد، أن الله تعالى يحتج بوجودهم وسيرتهم وأعمالهم وأقوالهم، على العباد في جميع شؤونهم، ومنها العدل في جميع شؤون الحكومة.
فأمير المؤمنين (عليه السلام) حجة على الامراء وخلفاء الجور، وقطع الله تعالى بسيرته عذرهم في التعدي عن الحدود، والتجاوز والتفريط في بيت مال المسلمين، والتخلف عن الأحكام، فهو حجة على العباد بجميع شؤونه.
وكذا سائر الحجج، ولا سيما ولي الأمر الذي يبسط العدل في العباد، ويملأ الأرض قسطا وعدلا، ويحكم فيهم بحكومة عادلة إلهية.
وأنهم حجج الله على العباد أيضا; بمعنى أنه لو رجعوا إلى غيرهم في الأمور الشرعية والأحكام الإلهية - من تدبير أمور المسلمين، وتمشية سياستهم، وما يتعلق بالحكومة الإسلامية - لا عذر لهم في ذلك مع وجودهم.
نعم، لو غلبت سلاطين الجور، وسلبت القدرة عنهم (عليهم السلام)، لكان عذرا عقليا