إجراء الحدود، بل على نفوس المسلمين إذا اقتضت الحكومة التصرف فيها، فيجب عليهم إجراء الحدود مع الإمكان، وأخذ الصدقات والخراج والأخماس، والصرف في مصالح المسلمين وفقراء السادة وغيرهم، وسائر حوائج المسلمين والإسلام.
فيكون لهم في الجهات المربوطة بالحكومة، كل ما كان لرسول الله والأئمة من بعده صلوات الله عليهم أجمعين.
ولا يلزم من ذلك أن تكون رتبتهم كرتبة الأنبياء أو الأئمة (عليهم السلام); فإن الفضائل المعنوية أمر لا يشاركهم (عليهم السلام) فيه غيرهم.
فالخلافة لها معنيان واصطلاحان:
أحدهما: الخلافة الإلهية التكوينية، وهي مختصة بالخلص من أوليائه، كالأنبياء المرسلين، والأئمة الطاهرين سلام الله عليهم.
وثانيهما: المعنى الاعتباري الجعلي، كجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمير المؤمنين (عليه السلام) خليفة للمسلمين، أو انتخاب فلان وفلان للخلافة.
فالرئاسة الظاهرية الصورية أمر لم يعتن بها الأئمة (عليهم السلام) إلا لإجراء الحق، وهي التي أرادها علي بن أبي طالب (عليه السلام) بقوله - على ما حكي عنه -:
«والله لهي أحب إلي من إمرتكم» (1) مشيرا إلى نعل لا قيمة لها.
وفي «نهج البلاغة» في الخطبة المعروفة ب «الشقشقية»: «أما والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم، ولا سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها، ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي