لرفع الإبهام بقوله: فتحاكما إلى السلطان، أو إلى القضاة، ومن الواضح عدم تدخل الخلفاء في ذلك العصر - بل مطلقا - في المرافعات التي ترجع إلى القضاة، وكذلك العكس.
فقوله (عليه السلام): «من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت» انطباقه على الولاة أوضح، بل لولا القرائن لكان الظاهر منه خصوص الولاة.
وكيف كان: لا إشكال في دخول الطغاة من الولاة فيه، ولا سيما مع مناسبات الحكم والموضوع، ومع استشهاده بالآية التي هي ظاهرة فيهم في نفسها.
بل لولا ذلك يمكن أيضا أن يقال بالتعميم; للمناسبات المغروسة في الأذهان، فيكون قوله بعد ذلك: فكيف يصنعان؟ استفسارا عن المرجع في البابين، واختصاصه بأحدهما - ولا سيما بالقضاة - في غاية البعد، لو لم نقل:
بأنه مقطوع الخلاف.
وقوله (عليه السلام): «فليرضوا به حكما» تعيين للحاكم في التنازع، فليس لصاحب الحق الرجوع إلى ولاة الجور، ولا إلى القضاة.
ولو توهم من قوله (عليه السلام): «فليرضوا» اختصاصه بمورد تعيين الحكم، فلا شبهة في عدم إرادة خصوصه، بل ذكر من باب المثال، وإلا فالرجوع إلى القضاة - الذي هو المراد جزما - لا يعتبر فيه الرضا من الطرفين.
فاتضح من جميع ذلك: أنه يستفاد من قوله (عليه السلام): «فإني قد جعلته حاكما» أنه (عليه السلام) قد جعل الفقيه حاكما فيما هو من شؤون القضاء، وما هو من شؤون الولاية.
فالفقيه ولي الأمر في البابين، وحاكم في القسمين، ولا سيما مع عدوله (عليه السلام) عن قوله: «قاضيا» إلى قوله: «حاكما» فإن الأوامر أحكام، فأوامر