وليس المراد بها إطاعتهما في الأحكام الإلهية; ضرورة أن إطاعة الأوامر الإلهية إطاعة لله، لا إطاعة لهما، فلو صلى قاصدا إطاعة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو الإمام (عليه السلام)، بطلت صلاته.
نعم، إطاعة أوامرهم السلطانية إطاعة لله أيضا; لأمره تعالى بإطاعتهم.
ثم قال تعالى: (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما انزل إليك وما انزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به...) إلى آخره (1).
وهذه الآية أيضا مفادها أعم من التحاكم إلى القضاة وإلى الولاة، لو لم نقل: بأن «الطاغوت» عبارة عن خصوص السلاطين والامراء; لأن الطغيان والمبالغة فيه مناسب لهم لا للقضاة، ولو اطلق على القضاة يكون لضرب من التأويل، أو بتبع السلاطين الذين هم الأصل في الطغيان، ويظهر من المقبولة التعميم بالنسبة إليهما.
ثم إن قوله: «منازعة في دين أو ميراث»، لا شبهة في شموله للمنازعات التي تقع بين الناس فيما يرجع فيه إلى القضاة، كدعوى أن فلانا مديون مع إنكاره، ودعوى أنه وارث ونحو ذلك، وفيما يرجع فيه إلى الولاة والامراء، كالتنازع الحاصل بينهما لأجل عدم أداء دينه، أو إرثه بعد معلوميته.
وهذا النحو من المنازعات مرجعها الامراء، فإذا قتل ظالم شخصا من طائفة، ووقع النزاع بين الطائفتين، لا مرجع لرفعه إلا الولاة.
ومعلوم أن قوله: في دين أو ميراث، من باب المثال، والمقصود استفادة التكليف في مطلق المنازعات، والاستفسار عن المرجع فيها، ولهذا أكد الكلام