المنهي عنه تنزيها هو الكسب بمال نفسه، ولو فرض التعميم لأجل التعليل، لا يحتمل الاختصاص بمال الغير ومورد الوكالة.
والإنصاف: أنها تدل على صحتها في الجملة، سواء كان النهي متعلقا بكسبه بالمعنى المصدري، أم بمكسوبه، وسواء كان النهي للتحريم، أو التنزيه، وسواء كان المراد بالمكسوب ما في يده أعم من كسبه وغيره، أم اختص بما حصل بالكسب كما هو ظاهرها.
ثم لو قلنا بإطلاق الأدلة وعمومها بالنسبة إلى مطلق معاملاته، وكانت المعاملة باليسيرة داخلة فيها، فلا تنبغي الشبهة في قيام السيرة - حتى من المتدينين والمبالين بالدين - على المعاملة بالأشياء غير الخطيرة مع الأطفال، ولا يحتمل حدوثها في العصر المتأخر عن عصر الشارع الأقدس.
فلو لم نقل بانصرافها عن موردها، فتخصيصها بها مشكل; لأن حجية السيرة وصلاحيتها لتخصيصها، معلقة على عدم الردع وإمضاء الشارع، وإطلاق الأدلة صالح للرادعية بلا توقف على شئ، فحجية الإطلاق منجزة، وحجية السيرة وصلاحيتها للتخصيص معلقة على عدم الرادع.
نعم، الظاهر انصراف الأدلة عن مورد السيرة كما تقدم (1)، لكن القدر المتيقن منها معاملاته مع إذن الولي ولو بالكشف عن ظاهر الحال.
ثم إن بعض المحققين (قدس سره) لما لم ير مجالا لإنكار السيرة واتصالها بعصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم يرتض برفع اليد عن الأدلة وإطلاقها، حاول التطبيق على القواعد بأن المعاملة واقعة في تلك الموارد بين الولي والطرف، وكان الطرف موجبا وقابلا، من الولي وكالة، ومن نفسه أصالة.