ملغاة في نظر العرف والعقلاء، فما هو موضوع في نظرهم لخروج الأكل عن كونه باطلا، هو العقد برضاهما، سواء كان مقارنا أو متأخرا; ضرورة عدم كون الأكل بالعقد الفضولي من أكل المال بالباطل عرفا وشرعا.
ولا يمكن الالتزام بكونه باطلا استثني من قوله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم...) (1) إلى آخره; ضرورة إبائه عن التخصيص إذ لا يصح أن يقال: «هذا الأكل بالباطل جائز».
وبالجملة: لا شبهة في عدم فهم العرف من الآية الكريمة إلا لزوم كون التجارة برضاهما، من غير فرق بين الرضا المقارن وغيره.
ولعل الإتيان بما يظهر منه المقارنة; لكون الغالب كذلك، لا لعناية في نشوئه منه، فالقيد غالبي لا يستفاد منه الاحتراز.
مضافا إلى ما ذكرنا سابقا: من أن المتفاهم العرفي من المستثنى منه، أن الباطل علة لتعلق الحرمة بأكل المال، فكأنه قال: «لا تأكلوا أموا لكم بينكم إذا كان باطلا» (2).
ولأجل المقابلة بين المستثنى والمستثنى منه، وعدم صحة استثناء مصداق من الباطل وإجازة أكله; لاستهجانه، وأن التجارة عن تراض حق عرفا لا باطل، والمناسبات المغروسة في ذهن العقلاء، يستفاد من المستثنى أن استثناء التجارة عن تراض إنما هو لكونها حقا، لا لخصوصية التجارة، ولا لخصوصية عنوان الرضا، فكما أن العلة لحرمة أكل قسم من المال كونه باطلا، كذلك العلة في الجواز عدم بطلانه، وهو مساوق عرفا للحق.
فالخارج هو مطلق الأكل بالحق، والداخل هو مطلق الأكل بالباطل،