جبرئيل أن يخبر يونس من عند نفسه، لا على سبيل إيصال الوحي الإلهي إليه، فلا مانع من أن يكون جبرئيل (ع) قد تعمد أن لا يسمع يونس (ع) هذا الاستثناء إذ لا يضر ذلك في تلقي الوحي، ولا في إلقائه، لأن هذا ليس من الوحي أساسا، ولكننا لا نجد مبررا عقلانيا لتصرف كهذا من قبل جبرئيل (ع). وإن كان حديثه مع الأنبياء في أمور ليست من الوحي الإلهي مما لاشك فيه.
وقد روي أن جبرئيل كان بعد وفاة رسول الله (ص) يأتي إلى فاطمة (ع) ويحدثها بما يسليها، وكان علي عليه السلام يكتب ذلك في مصحف فاطمة (ع) (1).
2 - قوله تعالى: (فظن أن لن نقدر عليه) أي: أن نضيق عليه، فالذي يكون آبقا وهاربا من المسؤولية لا يظن أن الله سوف لا يضيق عليه، بل هو يتوقع التضييق، وأن يلاقي جزاء هروبه هذا.. إذن الفقرة تشير إلى أنه (ع) كان واثقا من رضا الله عنه، ولم يكن آبقا منه تعالى، ولا هاربا من مسؤولياته.
وكلمة ظن هنا بمعنى: علم (2) وحسب.
3 - إن مناداة يونس عليه السلام في الظلمات الثلاث، اعني ظلمة الليل، وظلمة أعماق البحار، وظلمة بطن الحوت (لا إله إلا أنت سبحانك) تؤكد على حقيقة التوحيد الخالص لدى يونس (ع) - خصوصا في هذا الموقع - حيث لم يتعلق بغير الله سبحانه كمنقذ له من ذلك البلاء.. فهو العالم به، وهو القادر دون سواه على إنقاذه.
أما قوله: (إني كنت من الظالمين)، فهو تعبير يشير إلى رسوخ قدم هذا النبي في معرفة الله، فإنه يرى نفسه باستمرار مقصرا عن أداء شكر ربه، وعن قيامه بواجبه تجاهه، وعن عبادته حق عبادته، فكلمة (كنت) قد جاءت مجردة عن الزمان، والمراد بها الحديث عن خصوصية ذاته، كما يقتضيه مقام العبودية.
ويشير إلى ذلك ما روي من تفسير الإمام الرضا (ع) له بقوله: إني كنت من الظالمين بتركي مثل هذه العبادة التي أفرغتني لها في بطن الحوت.
وبكلمة موجزة نقول: لا بد من تنزيه الأنبياء عن ارتكاب الظلم الذي ربما