ب - وقال تعالى مخاطبا نبيه: (.. فاصبر لحكم ربك، ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم. لولا أن تداركه نعمة من ربه، لنبذ بالعراء، وهو مذموم. فاجتباه ربه، فجعله من الصالحين).
ج - وقال سبحانه: (وإن يونس لمن المرسلين، إذ أبق إلى الفلك المشحون. فساهم فكان من المدحضين، فالتقمه الحوت وهو مليم، فلولا أنه كان من المسبحين، للبث في بطنه إلى يوم يبعثون. فنبذناه بالعراء وهو سقيم. وأنبتنا عليه شجرة من يقطين. وأرسلناه إلى مئة ألف أو يزيدون. فآمنوا فمتعناهم إلى حين).
وهنا نذكر القارئ الكريم بنقاط تدل على براءة يونس (ع) مما ينسب إليه، وهي التالية:
1 - كلمة مغاضبا التي تعني حدوث فعل الإغضاب من طرفين، - أحدهما يونس عليه السلام - حيث يريد كل منهما أن يغضب الآخر، ولا يصح القول بأن المغاضبة قد كانت بين يونس (ع) وبين الله سبحانه، فإن فرض ذلك لا يليق بمؤمن صالح فضلا عن أن تكون قائمة بين الله سبحانه وبين يونس (ع)، فلم يكن ثمة سعي من يونس (ع) لإغضاب الله تعالى، ولا إرادة من الله سبحانه لإغضاب يونس (ع)، فإذا كان الله سبحانه يقول عن سائر المؤمنين: (رضي الله عنهم ورضوا عنه)، فكيف بالأنبياء الكرام، ومنهم يونس (ع)؟ إن الحقيقة هي أن المغاضبة كانت بين يونس (ع) وبين فريق آخر، والظاهر أنهم قوم يونس (ع)، الذين يئس من هدايتهم، وتنحى عنهم بعد أن علم أن العذاب سينزل عليهم. فالتجأ إلى الفلك المشحون بالناس، وكان قومه يطلبونه، ليوصلوا إليه الأذى، لأنهم كانوا يرونه قد أساء إليهم، فاعتبروه فارا وآبقا منهم، وكانوا لا يصدقون بنزول العذاب عليهم.
فلما رأوا علائم العذاب استكانوا إلى الله وخضعوا له، فكشف الله عنهم العذاب، ومتعهم إلى حين. وكان ذلك في غياب يونس (ع)، ولم يكن يونس (ع) يعلم بذلك، وتذكر بعض الروايات: أن جبرئيل عليه السلام كان قد استثنى في هلاكهم، ولم يسمعه يونس (ع)، فإن كان ذلك الاستثناء قد حصل حين الوحي ليونس فلا بد من توجيه الرواية أو طرحها، حتى لا يكون ثمة تقصير من قبل جبرئيل (ع) في إيصال الوحي، ولا في يونس (ع) في تلقيه له.
وإن كان ذلك على سبيل الحديث العادي، الذي يجري بين اثنين، فأراد