فلو فرضنا جدلا: أنهم يستسلمون لنقاط الضعف البشري، فمن أين استنتج أنهم يختلفون في درجات الاستسلام هذه تبعا لدرجاتهم، فما هي القرينة في الآية المباركة التي تدل على ذلك؟ فالآية قد جاءت خطابا للنبي (ص) وهي تدل إذن على أن ذلك ممكن في حق نبينا (ص) كما هو ممكن في حق يونس (ع) مع علمنا باختلاف الدرجة فيما بينهما.
هذا بالإضافة إلى أن هذا البعض يزعم عدم ثبوت تفضيل النبي (ص) على سائر الأنبياء (1). ثم يشرح حقيقة ما فضل الله به بعض الأنبياء على بعض فيقول:
".. (ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض) (2) فيما ميزناهم به من مواقع العمل، وطبيعة المعجزة، ونوعية الكتب، من قاعدة الحكمة التي أقام الله عليها الحياة " (3).
3 - ولفت نظرنا أيضا ما زعمه من أن استعجال يونس العذاب لقومه، إنما هو لأن صدره قد ضاق بتكذيبهم.
فهل ذلك يعني أن يونس عليه السلام كان متسرعا، وأن المسألة قد انطلقت من ضعف يونس الذي ألجأه إلى مواجهة ألوف من الناس بالعذاب الماحق، وبالخطر الداهم والساحق، الأمر الذي يعني أن قومه قد ذهبوا ضحية ضعفه البشري.؟!
وهذه تهمة خطيرة في حق أنبياء الله صلوات الله عليهم.
والأدهى من ذلك أن الله سبحانه قد جارى نبيه هذا الضعيف في ذلك حتى رأوا نذير العذاب بالفعل..
4 - ثم هو ينسب إلى نبي من أنبياء الله أنه لم يصبر على الامتداد في تبليغ الرسالة، حتى تبلغ مداها في تحقيق شروط النجاح أو نهاية التجربة.
وهذا معناه تسجيل تهمة على هذا النبي أنه لم يقم بمهمة التبليغ الرسالي على الوجه الأكمل والأمثل، لأنه لم يصبر على الرسالة لتحقق شروط النجاح. مع أنه هو نفسه يسلم بعصمة النبي في مقام التبليغ، ولا بد أن يكون ذلك يشمل صورتي الخطأ والتقصير في التبليغ على حد سواء.