يكون قاتلا أو مرتكبا لجريمة دينية.. لأن احتمال المعصية الكبيرة في حق المعصوم كالقول - بوقوعها - مناف للقول بالعصمة.
فلو أن ذلك البعض قد ذكر هذا الاحتمال وبادر إلى رده وإبطاله بصورة حاسمة، لم يكن ثمة إشكال.. ولكنه لم يفعل ذلك، بل أبقاه احتمالا واردا، وله درجة من المقبولية، إلى درجة أنه بعد التأمل يكتفي بترجيح الاحتمال الآخر عليه، ولا يمكن قبول هذا الأمر في حق الأنبياء ولو على مستوى الاحتمال.
2 - إن من البديهي: أن الآيات الكريمة لا تؤيد ما ذكره، بل فيها ما يدل على خلافه، وأن الشيطان لم يوسوس لموسى (ع)، ولا ارتكب موسى (ع) جريمة دينية، ولا أخطأ، ولا غير ذلك مما احتمله هذا البعض. وذلك لأن هذه الآيات بدأت بذكر إعطاء موسى عليه السلام حكما وعلما جزاء على إحسانه، ثم ذكرت ما جرى له مع ذلك الرجل الذي هو من عدوه، فهي تقول: (ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما، وكذلك نجزي المحسنين) (1).
3 - ثم ذكرت الآية التي بعدها هذه القصة، وصرحت بأن المقتول كان رجلا من الأعداء، فهي تقول: (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه، (فوكزه موسى فقضى عليه).
والمراد بالعداوة عداوة الدين والإيمان.
4 - وقوله: (هذا من عمل الشيطان (يقصد به أن الاقتتال بين الرجلين قد نشأ من وسوسة الشيطان، الذي حرض على الفتنة، حتى انتهى الأمر إلى القتال بين الرجلين، اللذين أغاث موسى (ع) أحدهما، الذي كان من شيعته على الذي من عدوه، ولا يقصد به أن موسى (ع) نفسه قد تأثر بالشيطان، فإن كلمة هذا ليست إشارة إلى القتل، وإنما هي إشارة إلى القتال الذي بدأه العدو، وانتهى بمبادرة موسى (ع) لنصرة ذلك المظلوم.
5 - إن موسى (ع) بنصرته لذلك المظلوم، لم يكن مجرما ولا مخطئا، وإنما كان يطيع أمر الله، ويعمل بتكليفه وواجبه الشرعي في دفع الكافر الظالم عن المؤمن المظلوم ولو أدى ذلك إلى قتل هذا الكافر.