فلا معنى لأن يوجه مقاومته إلى جهة، ويترك جهة أخرى، وإلا لكان مقصرا - والعياذ بالله - في أداء مهماته الرسالية، أو غير قادر على القيام بها، فلا مبرر لبعثته، بل اللازم هو بعث سواه، أو إرسال رسول آخر معه ليعينه، كما كان الحال بالنسبة لهارون وموسى عليهما وعلى نبينا وآله الصلاة والسلام..
إن هذا البعض يقيس الأنبياء على الناس العاديين، سواء أكانوا علماء أو غير علماء، فيصفهم بأوصافهم فالحق الذي لا محيص عنه هو أن امرأتي نوح ولوط، وكذلك ابن نوح كانوا غير مستعدين للهداية ولا للصلاح، ولا شك في أن نوحا ولوطا (عليهما السلام) قد بذلا مختلف المحاولات في سبيل هدايتهم وإصلاحهم، ولكن قد ران على قلوب أولئك الكفرة ما كانوا يكسبون، وغرتهم الحياة الدنيا، وراقهم زبرجها.
3 - والغريب في الأمر مقارنته إسماعيل (عليه السلام) بابن نوح، حيث استطاع إبراهيم (عليه السلام) أن يعزل ولده عن الضغط القوي للانحراف في البيئة التي عاش فيها، مع كون أمه صالحة أيضا، وبذلك أمكن حماية التجربة هنا، ولم يمكن حماية التجربة هناك، على حد تعبيره..
مما يعني أنه لو كانت أم إسماعيل غير صالحة لما أمكن حماية التجربة، ولكان إسماعيل قد اتخذ سبيل الكفر والانحراف - والعياذ بالله - كما فعل ابن نوح.
وهذا ما يؤكد طبيعة ما كان يرمي إليه هذا البعض حين تحدث عن أنه ليس في الزهراء أي خصوصية إلا الظروف الطبيعية التي كفلت لها إمكانات النمو الروحي والعقلي والالتزام العملي.. وأنه ليس فيها أي عنصر غيبي مميز يخرجها عن مستوى المرأة العادي..
4 - إننا لا نوافق على اعتباره ما يقوم به الأنبياء من واجبات، وتكاليف حتى في مجال التربية مجرد تجارب تخطئ وتصيب، بل هي إنجازات جاءت وفق التكليف الإلهي الشرعي الصائب لكبد الحقيقة، دون أي تقصير أو ضعف في ذلك..
وقد أشرنا إلى هذا الأمر أكثر من مرة في نظائر المقام.
5 - ما الدليل على أن امرأة نوح قد حاصرت النبي في فعالياتها فإن التصويرات التي قدمها عن بيت نوح، وعن فعاليات زوجته، ومحاصرتها له..