النبي بالقدرات الغير عادية (1) التي يستطيع - معها - أن يصنع كل شيء خارق للعادة في أي وقت وفي أية مناسبة.
بل كل ما هناك، أن يملك النبي القدرة على حمل الرسالة وإبلاغها وتطبيقها بالحكمة والمرونة والقوة، في كل ما يحتاج إليه الداعية والمشرع والحاكم فيما يتعلق بدعوته وشريعته وحكمه.. وبذلك يبطل التصور المنحرف الذي يربط بين النبوة وبين القوة الخارقة التي تصنع ما تشاء، بلا حدود.
النبوة والتفوق المطلق وقد يمكن لنا في هذا المجال أن نتحفظ فيما يفيض فيه الكثيرون من علماء الكلام عندما يتحدثون عن صفات النبي - أي نبي كان - فيوجبون له التفوق في كل علم، وفي كل صفة ذاتية على أساس القاعدة العقلية المعروفة لديهم وهي قبح قيادة المفضول للفاضل.. فإذا لم يكن النبي في مستوى القمة في كل شيء، لم يصلح لمركز القيادة الحياتية للناس.
وقد يتطرف البعض فيوجب أن يكون النبي أجمل الناس، وأشجعهم، وأقواهم في عضلاته إلى غير ذلك من الصفات الجسمية التي لا ترتبط بالنبوة ولا بالقيادة من قريب ولا من بعيد.. فإننا نلاحظ في أوضاع القيادات في العالم.. حتى العسكرية منها.. أن القائد لا يفرض فيه أن يكون أكثر شجاعة من جنوده، فربما يكون الكثيرون من جنوده أشجع منه، لأن دوره الأساسي - كقائد - ليس هو خوض المعركة، بل قيادتها التي تتمثل في الفكر العسكري القيادي الذي يعرف كيف يخطط للمعركة وكيف يواجه التطبيق العملي للخطط المرسومة.
وهكذا نجد القضية في كل جانب من الجوانب الحياتية التي لا تتطلب في القيادة إلا أن تكون في مركز التفوق والكمال في القطاع الذي تتولى قيادته.
إننا نسجل تحفظنا الشديد حول هذا كله.. لأن دور النبي، لم يكن هو دور المؤسس للعلوم الطبيعية والرياضية وغيرها، ولم تكن مهمته هي مهمة المعلم للألسن واللغات، يجب أن يكون ملما بجميع العلوم، وبجميع اللغات، فضلا عن أن يكون متفوقا من زاوية نبوته، بل المهمة الأساسية - كما حددها القرآن الكريم، في الآيات المتقدمة، هي الإرشاد والإبلاغ والإنذار وتعليم الناس الكتاب والحكمة، وقيادتهم إلى تطبيق ذلك كله على حياتهم، ليخرج الناس من