عليه قبل ذلك غشية فركب به الركبان فلما بلغ ذلك ابن الزبير خرج.
ثم كان مثل ذلك اليوم الجمعة المقبلة صلى بنا الضحاك بن قيس الظهر، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: تعلمون أن خليفتكم يزيد بن معاوية قد أظلكم ونحن خارجون غدا ومتلقوه، فمن أحب منكم أن يتلقاه معنا فعل قال فلما صلوا الصبح ركب وركبنا معه وكنت فيمن ركب فساروا إلى ثنية العقاب، وما بين باب توما وبين ثنية العقاب بيت مبني بقرى إلى قرى العجم (الفرس الذين كانوا يحكمون سورية) فسرنا فلما صعدنا في ثنية العقاب إذا بأثقال يزيد بن معاوية قد تحدرت في الثنية قال ثم سرنا غير كثير فإذا يزيد في ركب من كلب معه من أخواله وهو على بختي له رحل ورائطة مثنية في عنقه ليس عليه سيف ولا عمامة، قال: وكان رجلا كثير اللحم عظيم الجسم كثير الشحم، وفي نسخة كثير الشعر، قال: وقد أجفل شعره وشعث، قال فأقبل الناس يسلمون عليه ويعزونه وقد دنا منه الضحاك).
أقول: هذا يدل على قوة النظام الأموي واستقراره، لكن إن صح وصف الضحاك للمرحلة بعده بقوله: (ثم هو الهرج إلى يوم القيامة) فهو يدل على أن الضحاك كان يرى النار تحت الرماد، وأن ضعف يزيد وحمقه عامله الأساسي.
وقد كان معاوية يشعر بأن قوى قرشية متعددة تنتظر موته لتقوم بحركتها!
ففي أنساب الأشراف / 1190: (عن عوانة قال: بلغ معاوية وهو مريض أن قريشا ببابه تتباشر بموته، فلما دخلوا عليه دعوا له فقال: أتتباشرون بموتي إذا خلوتم؟! وتدعون لي إذا حضرتم! فانتفوا من ذلك واعتذروا، فقبل منهم).