بغير أخلاقهم. وإني لست أخاف من قريش إلا ثلاثة: حسين بن علي وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير. فأما ابن عمر فرجل قد وقذه الدين فليس ملتمسا شيئا قبلك، وأما الحسين بن علي فإنه رجل خفيف وأرجو أن يكفيكه الله بمن قتل أباه وخذل أخاه وإن له رحما ماسة وحقا عظيما وقرابة من محمد (ص)، ولا أظن أهل العراق تاركيه حتى يخرجوه، فإن قدرت عليه فاصفح عنه، فإني لو أني صاحبه عفوت عنه. وأما ابن الزبير فإنه خب ضب فإذا شخص لك فالبد له إلا أن يلتمس منك صلحا، فإن فعل فاقبل واحقن دماء قومك ما استطعت).
ورواها بتفاوت: كامل ابن الأثير: 3 / 368، ونهاية الإرب / 4472، والآداب السلطانية / 78، وسمت النجوم / 897، وفتوح ابن الأعثم: 4 / 348، والمنتظم: 5 / 320، وابن خلدون: 3 / 18).
أقول: روت وصيته ليزيد هذه المصادر وغيرها، واستشكل بعضهم بأنه ورد فيها ذكر عبد الرحمن بن أبي بكر مع أن معاوية قتله قبل سنين من موته، كما بينا في المجلد الثاني. وجوابه: أن معاوية بدأ بالتمهيد لبيعة يزيد مبكرا وقتل عبد الرحمن بن خالد بن الوليد سنة 46 عندما طلب أهل الشام أن يجعله ولي عهده، فلا مانع أن تكون وصية قبل قتل ابن أبي بكر، ثم كررها في أول مرضه ليزيد لأن مرضه طال شهورا، ثم كررها قرب موته، وأوصاهم أن يبلغوها ليزيد الذي كان غائبا في حوارين. نعم يرد الإشكال على تفاوت نصوصها في الشدة واللين لكن لا بد أن نعتبر أن التشدد في وصيته هو الأصل لأنه ثبت أنه كان سفاكا للدماء وإن تظاهر بالحلم والعفو، على أن الوصية كلها قد تكون من أجل الناس أما وصيته الحقيقة فهي بطش الجبارين الذي ارتكبه يزيد في كربلاء والحرة ومكة، وقد أثبت الحافظ محمد بن عقيل في كتابه القيم (النصائح الكافية لمن يتولى معاوية) مسؤولية معاوية عن أعمال يزيد بشكل مباشر لأنه أوصاه بها، أو