الطرف يدخل في بدل النفس بدليل أنه لو قطع يده فسرى إلى نفسه كان فيه دية النفس لا غير، ولم يستحق دية اليد ودية النفس أيضا، فلهذا دخل أرش الطرف في دية النفس، فأوجبنا عليه نصف الدية، فبان الفصل بينهما) إذ هو كما ترى دليله عين دعواه وإن حكى عن الفخر خاصة موافقته على ذلك، وقد عرفت سابقا تحقيق الحال في دخول الطرف في النفس، والفرق بين الضربة الواحدة والمتعددة.
وأضعف منه ما حكاه فيه أيضا وجها من احتمال نفي القصاص رأسا وثبوت نصف الدية، أما سقوط القصاص فلأن القتل بعد القطع بمنزلة السراية، فهو كالجناية الواحدة عفا عن بعضها، فيسقط القصاص عن جميعها، وأما نصف الدية فلأن العفو قد استوفى بعضها، وظني أنه للعامة الذين هم محل هذه الخرافات، وإلا فأصحابنا أجل من ذلك، وإن تبعه في حكايته احتمالا في غاية المراد والمسالك، لكنه واضح الفساد مخالف للكتاب والسنة والاجماع، ضرورة إزهاقه نفسا مكافئة معصومة، وهو عنوان القصاص، والعفو عن القطع لا يقتضي العفو عن القتل أو قطع آخر، وليس هو إلا كقتل شخص آخر له، نعم لو مات بسراية ما عفا عنه أمكن ذلك إذا ظهر منه العفو عن جميع ما يترتب على الجرح، كما هو واضح.
كل ذلك مضافا إلى المرسل (1) (في رجل شج رجلا فوضحه ثم طلبها منه فوهبها له ثم انتفضت به فقتلته، فقال: هو ضامن للدية إلا قيمة الموضحة، لأنه وهبها ولم يهب النفس) وحينئذ فالتحقيق ما سمعته من النص المعتضد بما تسمع الذي به يخرج عن مثل قوله تعالى (2)