البئر وإن كان ناسيا لضعف المباشرة بالغرور، لوضوح الفرق بينهما بكونه الفاعل للسبب وإن كان قد نسيه، بخلاف الفرض الذي هو أولى أو مساو لما ذكروه من عدم الضمان على الدافع الجاهل لشخص فوقع في البئر المحفورة بالطريق عدوانا، معللين له بقوة السبب الذي هو حفر البئر على دفع الجاهل ووقوع المدفوع.
ومن ذلك يعلم النظر في ما سمعته منه إن أراد ما يشمل ذلك من الجهل بأحدهما، بل لا يخفى عليك ما فيه من إطلاق ثبوت الدية بذلك مع أن من أفراده ما لو علم بكونه قاتلا ولكن لم يعلم أنه سم، فإن المتجه فيه القصاص لا الدية، بل وكذا لو علم بأنه سم وجهل بكونه قاتلا وقصد القتل به أو أعقب مرضا أدى إلى ذلك اتجه أيضا القول بالقصاص.
ولو كان السم الموضوع في الطعام مما لا يقتل غالبا ولم يقصد القتل به ولم يعقب مرضا أدى إلى موته به ففيه البحث السابق.
ولو اختلف هو والولي في جنسه أو قدره فالقول قوله، وعلى الولي البينة، فإن قامت وثبت أنه مما يقتل غالبا فادعى الجهل بأنه كذلك فعن التحرير احتمل القود، ولأن السم من جنس ما يقتل غالبا فأشبه ما لو جرحه وقال: لم أعلم أنه يموت به، وعدمه لجواز خفائه، فكان شبهة في سقوط القود، فتجب الدية، وفي كشف اللثام " الأقوى الثاني إذا حصلت الشبهة ".
قلت: قد يقال: إن الأقوى الأول بعد فرض ثبوت العمد إلى القتل منه، لعموم " النفس بالنفس " (1) وصدق القتل عمدا وغير ذلك.
ولو قصد بالتقديم قتل غير الآكل بأن قدم إليه بظن أنه الغير لكونه في ظلمة أو من وراء حجاب أو نحو ذلك ضمن دية الآكل، لأنه خطأ.