اعتدال النهار) حذرا من السراية ولما سمعته في الحدود، بل الظاهر وجوب ذلك كما هو المستفاد من عبارة المصنف وغيرها، نعم الظاهر اختصاص ذلك في قصاص الطرف دون النفس المراد إزهاقها على كل حال، فما عن بعض من كون ذلك على الاستحباب كما عن آخر من عدم الفرق بين الطرف والنفس في ذلك كما ترى.
(ولا يقتص إلا بحديدة) حادة غير مسمومة ولا كالة مناسبة لاقتصاص مثله كالسكين ونحوها لا بالسيف والكال ونحوهما.
(ولو قلع عين انسان فهل له قلع عين الجاني بيده؟) الظاهر ذلك، لاطلاق الأدلة، بل لا أجد خلافا بيننا في أصل الجواز وإن قال المصنف: (الأولى انتزاعها بحديدة معوجة فإنه أسهل) بل في القواعد الأقرب ذلك، لكنه ليس إشارة إلى خلاف كما اعترف به في كشف اللثام وغيره، نعم عن الشافعي في أحد قوليه عدم جواز القصاص إلا بحديدة، بل قد يكون القلع باليد أسهل من الحديدة، فيصير حينئذ أولى من الحديدة، وخصوصا مع فرض كون الجاني قلعها بيده، فإن المماثلة فيه حينئذ أتم.
نعم لو فرض أن الجاني قلعها بحديدة وفرض كونه أسهل كان الأولى مراعاة المماثلة وإن كان لو لم يراعها لم يستحق عليه تعزيرا وتأديبا، كما في كشف اللثام، ولعله لعدم الدليل على حرمته بعد أن لم يكن مثلة، وقد أطلق ﴿العين بالعين﴾ (1) من دون اعتبار كيفية خاصة، ولكن لا يخلو من نظر مع فرض زيادة العقاب، فإنه إيلام غير مستحق يندرج في الظلم، بل الأولى للمجني عليه مراعاة الأسهل وإن جنى عليه بالأصعب، ولكن لو استوفاه بالأصعب المماثل لم يكن عليه شئ، أما لو جنى عليه بالأسهل فاستوفاه بالأصعب كان عليه التعزير، والله العالم.