إنما الكلام في الأول، ففي كشف اللثام (يعني من يساره أو من رجليه، فإن فقد الجميع فالدية، وأطلق في المبسوط والتحرير بقاء الدية له) وكأنه أخذه مما عن الإيضاح وحواشي الشهيد من أن المراد ببقاء قصاص المجنون أحد أمرين: إما على القول بأنه إذا فقدت اليمين التي وجب القصاص فيها تقطع اليسار، أو بمعنى أنه ينتقل إلى حكم العمد مع فوات المحل، فعلى القول بسقوطه كما قاله بعضهم يسقط هنا، وعلى القول بالدية فهنا كذلك، فمع الصلح ظاهر، ومع امتناعه كما هو مقرر شرعا، لكن فيه أن من شرط القصاص نفسا وطرفا العقل، فلا يقتص منه، ولعله لذا أطلق الدية في المبسوط، على أن الخلاف المزبور إنما هو في النفس دون الطرف الذي لا معنى لتنزيل نحو العبارة عليه، ضرورة أنه لا وجه للبقاء على القول بسقوطه قصاصا ودية فلا يبعد إرادة المصنف وغيره من القصاص الدية، والله العالم.
المسألة الرابعة:
(لو قطع يدي رجل ورجليه) مثلا (خطأ) شبيها بالعمد (واختلفا فقال الولي: مات بعد الاندمال) فيستحق من القاطع ديتين (وقال الجاني: مات بالسراية) كي لا يجب عليه إلا دية واحدة لدخول الطرف في النفس (فإن) اتفقا على المدة و (كان الزمان قصيرا لا يحتمل الاندمال) عادة (فالقول قول الجاني) كما عن الشيخ والفاضل والشهيدين وغيرهم، لأصل البراءة المعتضد بالظاهر، وأصالة عدم حدوث سبب آخر، مع أنه لم يدعه الولي، بل توقف غير واحد في استحقاق اليمين للعلم بكذب دعواه في الاندمال ولم يدع سببا