بالمال (فكان الاعتبار بأرشها حين الاستقرار) الذي هو المعتبر في مقدار المضمون، وبه يحصل الفرق بين الدية والقصاص، وذلك كله واضح في كل جناية موجبة للضمان بالمال حين صدورها، فتجدد لها حال لمقدارها، والوجه فيه أنه يكفي في الدية استناد القتل إليه ولو بالتسبيب الذي لا ريب في حصوله هنا بالسراية المتولدة من فعله التي بها حصل إزهاق النفس المسلمة، والله العالم.
المسألة (الثانية:) (لو قطع يد حربي أو يد مرتد فأسلم ثم سرت فلا قود) قطعا لما عرفت، (بل ولا دية، لأن الجناية لم تكن مضمونة) بقصاص ولا دية (فلم تضمن سرايتها) كالقطع بالسرقة والقصاص، وكذا في كل جناية غير مضمونة حال وقوعها فتجدد لها حال يضمن به ابتداؤها.
وقد يحتمل ضمان الدية اعتبارا بحال الاستقرار، بل لعله لا يخلو من قوة، بناء على ما عرفت من تحقق عنوانها بنسبة القتل إليه ولو بالسراية المتولدة من فعله، ويزيده تأييدا ما تسمعه من الحكم بالدية لو رماه بسهم حربيا فأصابه مسلما، ضرورة اتحاد السراية مع الإصابة في التوليد من فعله، وعدم الدية بسراية السرقة والقصاص لدليله، وإلا فلا منافاة بين الإذن في الجناية مع الضمان بالسراية، بل لو قلنا بمنع جرحه المرتد على وجه يتحقق فيه ضمان للدية باعتبار تفويض قتله إلى الإمام اتجه حينئذ اعتبار المقدار حال الاستقرار فيه كالمسألة السابقة.
(ولو رمى ذميا بسهم فأسلم ثم أصابه فمات فلا قود) فيه لعدم العمد إلى قتل المسلم (و) لكن (فيه الدية) تامة لصدق قتل المسلم.