اللهم إلا أن يقال: إن الدعوى به نوع تصرف فيه، إذ قد يتوجه عليه اليمين مثلا فينكل عنه، فلا تصح منه، بل ولا في القصاص الذي قد يؤول إلى المال، ولعل ذلك هو الوجه في إطلاق المصنف وغيره اعتباره في المدعي كالبلوغ، ولكن الانصاف عدم خلو الاطلاق مع ذلك من إشكال، خصوصا بعد ما تسمعه من صحة للدعوى عليه به.
أما المدعى عليه فلا يشترط فيه شئ منهما عندنا، بل ولا العقل، فلو ادعى على مجنون أو طفل صحت، وتولى الحكومة الولي، وترتب عليه الأثر من دية أو قصاص خلافا للعامة، فاشترطوا فيه البلوغ والعقل.
وأولى من ذلك صحتها على السفيه المصرح بها في القواعد وغيرها لكماله وصلاحيته للخطاب، نعم قال فيها: (ويقبل إقراره بما يوجب القصاص لا الدية، ولو أنكر صح إنكاره لإقامة البينة، ويقبل يمينه وإن لم يقبل إقراره، لانقطاع الخصومة بيمينه) وهو صريح في صحة الدعوى عليه حتى بالمال، إلا أنه يصح إنكاره لأجل إقامة البينة عليه إن كانت، وتقبل يمينه إن حلف، وتنقطع الخصومة به وإن لم يقبل إقراره بل ولا رد اليمين بناء على أنه كالاقرار منه.
ومن هنا قال في كشف اللثام: (إن نكل فإن جعلنا اليمين المردودة كالاقرار لم يصح الرد هنا، وإن جعلناها كالبينة ردت، فإذا حلف المدعي فكأنه أقام بينة، وللعامة قول بعدم عرض اليمين بناء على أنه قد ينكل، فلا يمكن الرد لكون اليمين المردودة كالاقرار) وظاهره المفروغية من الحكم عندنا، ومن ذلك يتوجه ما سمعته سابقا من صحة الدعوى منه أيضا.
وكيف كان فالمراد من اعتبار ما سمعته في المدعي (حالة الدعوى دون وقت الجناية) فلو كان صبيا أو مجنونا حالة القتل صحت عند الكمال (إذ قد تتحقق صحة الدعوى بالسماع المتواتر) مثلا إن