إلى ما سمعت، كما أنه ليس في شئ منها مراعاة الاعتبار المذكور، ومن هنا كان المحكي عن ابن إدريس تقديم قول المجني عليه مطلقا مدعيا عليه الاجماع، وهو لو تم كان حجة، وإلا ففيه البحث السابق، وعن بعض العامة تقديم قول الجاني مطلقا، وقد عرفت قوته، والله العالم.
ولو ادعى الجاني تجدد العيب قبل الجناية احتمل تقديم الجاني مطلقا للأصل المزبور، وقول المجني عليه كذلك كما في كشف اللثام، وعن المبسوط لأصالة الصحة والفرق بين الظاهر والباطن، ولعل الأول لا يخلو من قوة، لما عرفت، وحينئذ فلا بد للبينة أن تشهد هنا بالسلامة حين الجناية.
ولو اقتصر الجاني على دعوى الشلل عند الجناية فإن أقام المجني عليه البينة بالسلامة عندها فلا كلام، وإن أقامها بها قبلها ففي كشف اللثام القول قوله إذا حلف أنه لم يتجدد للاستصحاب إلا إذا قام الجاني البينة، وفيه منع اقتضاء الاستصحاب السلامة عندها وإن لم تكن بينة فكدعوى الشلل خلقة، لكن قيل: لا بأس هنا بتقديم قول المجني عليه مطلقا، لعدم امتداد الوقت المشهود بالسلامة فيه، واختصاصه بوقت الجناية الذي يكون في الخلوات غالبا، فيتساوى فيه الظاهر والباطن في عسر إقامة البينة على حالهما.
ولو ادعى الجاني صغره وقت الجناية قدم قوله مع الاحتمال، لأصالة البراءة من القصاص، ولكن لو ادعى العاقلة بلوغه فالأصل حينئذ براءة ذمتهم، فتؤخذ الدية حينئذ من ماله لأنه الجاني.
ولو اختلفا في الوقت فادعى الجاني تقدم الجناية على البلوغ تعارض أصلا البراءة من القصاص وتأخر الجناية، والبراءة أقوى. وفي الدية ما عرفت.