بنفي المال، لانحصار الحق في القصاص، فإذا عفا فقد عفا عن كل ما وجب له، فما عن العامة من القول بثبوت الدية مع إطلاق العفو واضح الفساد، نعم يأتي ثبوت الدية على قول الإسكافي، لعدم انحصار الحق عنده في القود الذي هو أحد فردي التخيير، فسقوطه لا ينافي بقاء الآخر.
(ولو بذل الجاني القود لم يكن للولي غيره) عندنا لما عرفت (و) لكن (لو طلب الدية) أو الأقل أو الأكثر (فبذلها الجاني صح) بلا خلاف ولا إشكال (و) أما (لو امتنع لم يجبر) على البذل كما في القواعد والإرشاد للأصل وغيره مما سمعته سابقا من تعلق الحق به ونحوه، وحينئذ فإما أن يقتص منه أو يعفو عنه مجانا، إذ لا يجب عليه إلا بذل نفسه كما في التحرير، وهو صريح في ما ذكرناه من عدم وجوب حفظ النفس، وإلا لاتجه جبره على ذلك مع امتناعه، وعلى كل حال لا يجبر الولي على القبول لو بذل الجاني ولو أضعاف الدية بلا خلاف (و) لا إشكال.
نعم (لو لم يرض الولي بالدية) بل طلب الزائد (جازت المفاداة بالزيادة) ولو أضعاف الدية بلا خلاف ولا إشكال، ولكن لا يجب بناء على ما عرفت من عدم الجبر الذي ذكره المصنف وغيره ممن سمعت، بل لعل إطلاق المشهور وجوب بذل النفس على الجاني يقتضي ذلك، ضرورة أن المتجه عليه بناء على وجوب حفظ النفس عدم بذلها إلا مع الانحصار، وهو معلوم العدم.
(ولا يقضى بالقصاص) في النفس بسراية الجرح (ما لم يتيقن التلف بالجناية) ولو بالبينة العادلة أو الاقرار (ومع الاشتباه يقتصر على القصاص) أو الأرش (في الجناية لا في النفس) التي لم يثبت استحقاق القصاص فيها، ضرورة أعمية الجناية من ذلك كما هو واضح.