القصاص لم تسقط الدية وبالعكس.
فما عن المبسوط من الفرق بين ما لو قال: عفوت عن الجناية فقط وبين قوله: عفوت عن عقلها وديتها لا يخلو من نظر على القولين، لما عرفت.
بل وكذا ما في كشف اللثام قال: (ثم إن صدر العفو عنها مع الصلح على الدية تثبت الدية، وإلا فلا، صرح باسقاطها أو لا وإن قال: إنما أردت العفو عن القصاص على الدية بناء على أنها لا تثبت إلا صلحا وتثبت على القول الآخر ما لم يصرح باسقاطها) إذ قد عرفت سقوطهما مع إطلاق العفو عن الجناية على القولين.
ولو قال: عفوت على الدية لم تثبت الدية على القول الأول إلا بالرضا منه بذلك، ولا يحتاج إلى صلح، فإن الظاهر مشروعية العفو المزبور على الوجه المذكور ولو لاطلاق الأدلة الشامل للمطلق والمشروط، أما على القول الآخر فهو اختيار لأحد الفردين.
ولو تنازعا فادعى الجاني العفو لا على مال والمجني عليه العفو على مال فالظاهر تقديم قول الجاني، لأن الأصل عدم ذكر الشرط مضافا إلى أصل براءته من الدية على المختار، ولذا قال في كشف اللثام: (على المشهور من أن قضية العمد القصاص وحده يقدم قول الجاني للأصل، وعلى الآخر قول الآخر للأصل أيضا، وفي المبسوط أنه يقدم قوله، لأنهما مختلفان في إرادته، وفيه أن الإرادة لا تكفي على الأول) قلت:
بل وعلى الثاني بناء على ما ذكرناه، ومنه يعرف النظر في ما سمعته منه.
نعم قد يقال: إن الأصل عدم سقوط حق المسلم إلا بقوله، ودعوى الاطلاق في الحقيقة رجوع إلى دعوى التقييد، ضرورة كونه كالقيد بالنسبة إلى إفادة المجانية، على أنه يمكن صدوره منه لا على وجه