ما عن التحرير من اشتراط الرشد مع البلوغ لا وجه له، إلا أن يريد به كمال العقل لا الرشد بالمعنى المصطلح، والله العالم.
(فرع:) (لو اختلف الولي والجاني بعد بلوغه أو بعد إفاقته فقال) ولي المجني عليه: (قتلت وأنت بالغ أو أنت عاقل فأنكر) وقال: قتلته وأنا صبي أو قبل الإفاقة وكان ذلك ممكنا (فالقول قول الجاني مع يمينه) بلا خلاف أجده بين من تعرض له (لأن الاحتمال متحقق، فلا يثبت معه القصاص) المنافي لأصل البراءة، والمتوقف على حصول شرطه، وهو البلوغ والعقل، والفرض عدم معلوميتهما (و) لكن (تثبت) فيه (الدية) في مالهما، للاعتراف بالقتل الذي يمضي في حقهما دون العاقلة.
ولا فرق في ذلك بين الجهل بالتأريخ وبين العلم بتأريخ أحدهما والجهل بالآخر، كما هو مقتضى إطلاق الأصحاب في المقام وفي غيره من نظائره، وهو مما يؤيد ما ذكرناه غير مرة من عدم اعتبار تأخر مجهول التأريخ عن معلومه، فيحكم حينئذ بالقصاص مع فرض الجهل بتأريخ البلوغ والإفاقة، وفرق واضح بين المقام وبين التداعي في البيع ونحوه مما كان فيه دعوى الفساد بعد الاعتراف بالبيع من تعقيب الاقرار بالمنافي.
نعم لو لم يعهد للقاتل حال جنون فادعاها كان القول قول المدعي، لأن الأصل السلامة، ولعله لذا قال المصنف وغيره: (بعد إفاقته) لكن ومع ذلك في المسالك احتمال تقديم قول الجاني أيضا، لقيام الاحتمال المانع من التهجم على الدماء. وفيه أن مثله أيضا لا يبطل به دماء المسلمين.