أكل هذا الشخص الألذ، لم يرتكب ترجيحا بلا مرجح، وإن لم يلزم أكل الألذ، ولكن لو حكم بلزوم أكله، لابد من تحقق دليل عليه، ولا يكفي مجرد الألذية، نعم لو كان أحدهما مضرا، يصح له الحكم باللزوم.
ومن ذلك القبيل أيضا من أراد السفر إلى بلد كان له طريقان متساويان من جميع الوجوه، ولكن سافر بعض أحبابه من أحدهما، فلو اختار هو أيضا السفر من ذلك الطريق، لم يرتكب ترجيحا بلا مرجح، ولكن لو حكم بتعيين هذا الطريق للسلوك احتاج إلى دليل.
وبالجملة جميع الموارد كذلك، والحكم بلا دليل غير الترجيح بلا مرجح، و شتان ما بينهما، فالمرجح غير الدليل، والأول يكون في مقام الميل والعمل، والثاني في مقام التصديق والحكم.
وإذ عرفت تلك المقدمة، نقول: ليس مراد المورد أنه يجب العمل بالظن المظنون حجيته 1، وأنه الظن الذي يجب العمل به بعد سد باب العلم، بل غرضه أن بعد ما يلزم على المكلف - ببقاء التكاليف وانسداد باب العلم - العمل بظن 2 في الجملة، ولا يعلم أنه أي ظن لو عمل بالظن المظنون حجيته - كما أن المسافر يسلك السبيل الذي سلكه رفقاؤه - ما الضرر فيه، وأي نقص يلزم عليه؟
فان قلت: هو ترجيح بلا مرجح، فغلطت غلطا ظاهرا وان كان غيره فبينه حتى ننظر وثالثا: نقول: إنه يجب العمل بالظن المظنون الحجية، لأنه كما أنك تقول يجب علينا في كل واقعة البناء على حكم، ولعدم كونه معلوما يجب في تعيينه العمل بالظن، ولا يلزم ترجيح بلا مرجح، مع أن تعيينك ليس الا بالظن، فكذا نقول: إنه بعد ما وجب علينا العمل بظن، ولم نعلم تعيينه، يجب علينا في تعيين هذا الظن العمل بالظن، وكيف لا يلزم في الأول ترجيح بلا مرجح، و