وجوب قبول خبر الفاسق الظني، والآية على منعه، والدليل العام قطعي معارض مع الآية، فهو دليل قطعي على المنع من العمل بالآية قلنا: دلالة الدليل العام على حجية خبر الفاسق والآية على السواء، ونسبته إليهما واحدة، فلم لا تقول: إن خبر الفاسق ممنوع من العمل به بالدليل القطعي الذي هو آية النبأ، حيث إنها صارت بواسطة الدليل العام قطعية العمل؟ ولو اخترت ذلك وقلت به، يرد الاعتراض من الطرف الآخر والملخص: أنه ان كان المراد أنه يجب العمل بكل ظن لم يكن دليل قطعي على المنع منه وان منع عنه دليل ظني، يلزم عليك أن تترك الدليل الظني الذي لا دليل قطعيا على بطلانه، إذ لو دل دليل ظني على بطلان ظن لا تأخذ به، مع أنه لا دليل على بطلانه أصلا، ونسبة الدليل العام إلى المانع والممنوع منه على السواء.
المفسدة الثانية: أنه لو تمت دلالة مثل آية النبأ على المنع من قبول خبر الفاسق الظني، أو الاخبار على المنع من قبول الروايات العامية ولو أفادت الظن، أو الموافقة للعامة، هل تدعي القطع بوجوب قبول خير الفاسق والروايات العامية، أو لا، بل تظن ذلك؟
فان ادعيت القطع فأنت كاذب، ونفسك بكذبك عالم، وان ادعيت الظن، فلا أدري كيف تثبت حجية الظن بالظن!؟
المفسدة الثالثة: أن تفريعك وجوب العمل بالظن على بقاء الحكم، وسد باب العلم، هل هو لسبب ومنشأ، أو لا، بل لا دليل عليه؟ فان كان الثاني، فأصل تفريعك فاسد باطل.
وإن كان له سبب، فلاحظ أنه هل يجري في الظن الذي دل دليل ظني على بطلانه أيضا أم لا؟
والسبب الذي يتصور ادعاؤه أمران: أحدهما الاجماع، وثانيهما: حكم العقل وجريان العادة.