قلنا: لم ينسد باب العلم أو حجية الظن المخصوص لأحد أيضا 1، فيتفاوت حالنا مع حال الغير، ورب مسألة رجح فيها غيرنا أحد الطرفين، وسد طريق الترجيح للاحق له، وقال فيها بالتخيير.
بل نسألك: أنه لو تعارض عندك دليلان في حكم، ولم يتم عندك الترجيح الذي رجح به غيرك، فما عملك فيها؟ فهل تتوقف مع أنك قلت بوجوب الافتاء في كل مسألة، أو تعمل فيها بأصل لم يعمل به فيها غيرك، أو تعمل فيها بالتخيير، كما هو مختار المجتهدين عند التعارض؟ فكذا فيما نحن فيه فان قلت: العمل بالتخيير بين الظنون يوجب الهرج والمرج.
قلت: ليت شعري لماذا يلزم ذلك؟ فان المراد من التخيير بين الظنون أن كل مجتهد يختار للعمل أي ظن شاء، كالظن الحاصل من الخبر، أو الشهرة، أو غيرهما، وكيف إذا اختار كل واحد ظنا لأجل دليل لا يلزم الهرج والمرج، وإذا اختاره لأجل التخيير يلزم ذلك! مع أنه لا فرق الا في باعث الاختيار وتتمة تفصيل الكلام في ذلك الاحتمال، تطلب من كتبنا الأصولية المبسوطة.
ويقال لابطال السادس: أي العمل بامارة مخصوصة من غير ملاحظة إفادتها الظن وعدمها: ما قيل في إبطال خامس الاحتمالات، من أنه إن أريد من خصوصيتها كونها هذه الامارة، فهو ترجيح بلا مرجح، وان أريد من حيث ثبوت الحجية، فالمفروض انتفاؤه الجواب: نظير ما مر في الظن المخصوص، فنقول: المراد من خصوصية كونه مظنون الحجية إلى اخر الكلام، ولما أحطت بما ذكرنا، تعلم عدم بطلان هذه الاحتمالات، ومع ذلك لا تكون الكبرى تامة، كما أن الصغرى أيضا كانت غير تامة، وحال الدليل الذي لا تتم كبراه ولا صغراه معلومة.