أما الاجماع: فعدم ثبوته في صورة وجود الدليل الظني على المنع واضح.
وأما حكم العقل: فتجعل عقلك حاكما، ونسألك: لو أن مولى طلب من عبد له في بلدة بعيدة أمورا، ونسيها، ولم يمكن تحصيل العلم، وكان طلب المولى باقيا، ولكن وصل كتاب من المولى مفيد للظن أن المطلوب هي الأمور الفلانية، وأخبر زيد أن المطلوب أمور اخر، وهي هذه، وحصل الظن من كل منهما، ولكن وصل كتاب اخر من المولى، أو أخبر عادل من قبل المولى: أنك لا تعمل بالخبر الخالي عن الكتاب، فهل يحكم عقلك حينئذ أيضا بوجوب العمل بخبر زيد؟
فان قلت: يحكم، فأنت مكابر صرف المفسدة الرابعة: أن في المنازعات والمرافعات والوقائع الحادثة لو رجعوا إلى مجتهد، فهل يلزم عليه الافتاء أم لا؟ تحكم باللزوم ألبتة، فإنه أول دعواك 1 ثم نقول: إنه لو علم الحاكم بالواقع، فعلى المشهور بل المجمع عليه بين الامامية، يحكم بمقتضى الواقع ولو انسد باب علمه بالواقع، فبمقتضى استدلالك واختيارك يجب عليه العمل بظنه بالواقع، إلا ظن دل دليل قطعي على المنع منه، ويلزم منه أنه لو حصل الظن من قول المدعي، أو الشاهد الواحد مع يمين المدعي، أو الشاهدين في ما يلزم فيه الأربعة، أو شهادة الفاسقين، أو من بعض القرائن، تحكم بمقتضاه، ولو دل دليل ظني - كخبر صحيح أو أخبار صحيحة أو إجماعات منقولة أو شهرة عظيمة - أن في الموضع الفلاني يلزم العدلان، أو أربعة عدول، أو لا يكفي اليمين مع شهادة النساء، أو لا تسمع شهادة الفساق، وكذا في تعيين العادل وكيفية شهادة الشهود، ومسائل اليمين، وتأخذ ظنك بالواقع إلا فيما كان فيه إجماع قطعي 2.