وقولهم: (كل ما كان فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه) 1، وقولهم: (لا تكليف إلا بعد البيان) 2، ونحو ذلك.
لأن الموضوعات فيها من أفراد المجهول الذي هو موضوع القرعة، وإنما خصصت دليل القرعة لكونه أعم مطلقا من جميع ما ذكر.
فإن موضوع الأول: كل مشكوك في زوال حالته السابقة المعلومة، و موضوع الثاني: كل مجهول تعلق النهي به وعدمه، وهكذا، فموضوع الأخير:
لا تكليف فيما جهل التكليف فيه وعدمه إلا بعد البيان.
نعم لو كان هناك حديث هكذا: كل مجهول فأنت فيه على التخيير، يكون تعارضه مع دليل القرعة بالتساوي، ولكن ليس مثل ذلك موجودا.
لا يقال: إنه قد مر أن معنى (كل مجهول فيه القرعة): أنه كل مجهول بعد الفحص التام، وليس شئ مما ذكر في القسم الثاني كذلك، لأن أحكامها معلومة بعد الفحص، ولا تكون بعد الفحص مجهولة حتى تكون من باب التخصيص.
لأنا نقول: إن هذا القيد بعينه معتبر في تلك الموضوعات أيضا، فمعنى قوله: كل مشكوك في زوال حالته السابقة، أنه كل ما كان كذلك بعد الفحص.
وقد تحصل مما ذكر: أن كل ما ثبت له بخصوصه حكم شرعي، أو وضعي، أو عرفي، أو عقلي، أو لغوي، فيما يكون العرف أو العقل أو اللغة فيه حجة، فهو ليس من مورد القرعة.
وكذا كل مجهول أو مشكوك أو مشتبه له نوع خصوصية بالنسبة إلى مطلق المجهول الذي هو موضوع حكم القرعة، وثبت له حكم خاص، فهو أيضا ليس من موردها. وكل مجهول لم يكن كذلك فهو مورد القرعة.