وكذا ما أمر فيه الإمام بالقرعة وإجالة السهام.
ولو قطع النظر عن ذلك وحملنا الروايتين على إرادة مباشرة إمام الأصل بنفسه، فيكونان أعمين مما ذكر مطلقا، لأن مقتضاهما عدم كون القرعة وعدم جوازها لأحد إلا الإمام. ومقتضى ما ذكر جوازها لمن ولاه مطلقا أو على القرعة، أو أذن له بخصوصه أيضا، فيجب تخصيصهما بذلك.
ولا ينافيه قوله في رواية يونس: (إن له كلاما ودعاء لا يعلمه غيره، ولا يقتدر عليه غيره) 1، لأن المراد أنه لا يمكن كل دعاء وكلام، بل دعاء خاص لا يعلمه ولا يقتدر على إنشائه غيره، فيختص به أو بمن علمه، ولذا ذكر الدعاء للمقرع أيضا في رواية 2، وذكر الدعاء في روايات اخر أيضا 3.
فإن قيل: هذا إنما يتم لو حمل المقرع على من نصب للقرعة، وأما لو أريد منه مطلق من يقرع، فلا يتم ذلك.
قلنا: المراد بالمقرع لا يمكن أن يكون من باشر القرعة حتى يكون موافقا للمعنى اللغوي، إذ لم يباشرها بعد، بل يتهيأ القرعة، فالمراد منه: إما المنصوب للقرعة، أو المتهيئ لها.
والأول يقيني الدخول، فلا يخصص العام إلا بالمتيقن.
ثم بعد تخصيص الروايتين بالإمام أو المأذون منه، وخروجهما عن حيز الشذوذ، وعن لزوم تخصيص لا يجوز - لعدم خلو قوم غالبا عن فقيه في الصدر الأول، بل كان على الإمام نصب الوالي على كل قوم - يجب تخصيص العمومات أو المطلقات بذلك أيضا. مع أن أكثر العمومات أو جميعها واردة في مورد الترافع، الذي ليس إلا من شأن النائب الخاص أو العام، فلا يكون المقرع فيه إلا هو.