فنقول: هل المظنون راجح أم لا؟ لا ريب أنك تقول: نعم فالله سبحانه نهى عن العمل بالراجح، وأمر بتركه.
ثم نقول: هل تعتقد قبح ترك الراجح عقلا أم لا؟ إن قلت: لا، يثبت المطلوب، وإن قلت: نعم، فتقول: إن الله سبحانه ارتكب القبيح، وهو كفر!!
وبعبارة أخرى: أيها القائل بأن الظن هو الراجح، وأنه يقبح ترك الراجح، ما تقول في قوله عز شأنه: (ولا تقف ما ليس لك به علم) 1 و (إن هم إلا يظنون) 2 و (إن الظن لا يغني من الحق شيئا) 3 وقول أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة: (وا عجباه، ومالي لا أعجب من خطأ هذه الفرق) إلى أن قال: (تروى ظنونهم بعرى وثيقات وأسباب محكمات) 4 وقوله عليه السلام: (من عمي نفى الذكر واتبع الظن) 5.
وقول الصادق عليه السلام: (من شك أو ظن، فأقام على أحدهما، فقد حبط عمله) 6 فهل أمروا بترك الراجح أم لا؟.
إن قلت: لا، فقد كذبت وإن قلت: نعم، قلنا: فهل يقبح الامر بترك الراجح أم لا؟ فان قلت: لا، فقد خالفت قولك، وكذبت نفسك. وإن قلت: نعم، فقد كفرت.
فان قلت: العقل يحكم بقبح ترك كل مظنون لم يأمر الشارع بتركه.