أخرجه الدليل.
والثالثة: ما قال من أن سبب العمل بكل ظن عدم وجود دليل علمي أو ظني مقطوع الحجية.
ثم نقول: يلزم من تلك المقدمات الثلاث عدم حجية الظن.
ولبيان ذلك نقول: لاحظ وانظر أنا لو رفعنا اليد اليوم عن الأخبار بالمرة، و تركنا كتب الأحاديث طرا، وفرضناها كأن لم تكن، ولم نعمل بحديث من الأحاديث، ولم نلتفت إلى تلك الأحاديث، التي في أيدينا، فهل نكون على طريقة الأصحاب، وتكون سيرتنا مطابقة لسيرتهم أم لا؟
لا شك أنه لا يكون كذلك; إذ ليس أحد من العلماء لم يعمل في المسائل الفروعية بتلك الأحاديث المروية على اختلاف درجاتهم وشؤونهم وإن كان عمل بعضهم من جهة حجية خبر الواحد في نفسه، وعمل بعض آخر من جهة إفادته العلم، وعمل ثالث لأجل إفادته الظن، وهكذا.
وانظر هل يوجد كتاب فقيه أو رسالة مشتملة على مسائل لم يتضمن الاحتجاج ببعض تلك الأخبار؟ وهذا أمر واضح جدا.
ولذا قال بعض المحدثين من المتأخرين: الواجب إما الأخذ بهذه الأخبار، كما عليه متقدمو علمائنا الأبرار; أو تحصيل دين غير هذا الدين، والتمسك بشريعة غير هذه الشريعة (1). انتهى.
ولا أظن أحدا ينكر ذلك المطلب، ولو أنكره أحد، لم يكن للمكالمة والجواب صالحا أبدا، فإنه لو ترك أحد هذه الأحاديث بالمرة، فانظر أنه يكون موافقا لأي فقيه؟
وليس مرادنا العمل بالأخبار الآحاد، بل بهذه الأخبار التي في أيدينا، التي احتج بكثير منها السيد المرتضى وابن إدريس - طاب ثراهما - و