قبيحا، ولما وجد قوله ارتفع القبح.
ورابعا: نقول: سلمنا لك ما قلته في القياس، ولكن لنا معك كلاما اخر، و هو أنه لو أخبرك شخص - كان عندك في غاية الوثوق والاعتماد، والعلم والفضل - عن مشاهدة موت زيد، بحيث يحصل لك الظن بموته، وطلبت زوجته منك التزويج بالغير، فهل تجوزه أو تمنع منه؟
وكذا إن ادعى فاسق متقلب - رأيت التقلب منه مرارا - على مثل الشخص المذكور درهما أقرضه إياه، وأجاب هو بالرد بالأمس، وأقام عدلا واحدا عليه شاهدا أيضا، وأنت حكمت للشاهد الاخر باليمين، فقال ذلك العالم: لا أحلف بالله لدرهم واحد، فلا شك أن المظنون صدق ذلك الشخص العادل المتقي، و ذلك بديهي، بل مشاهد فنقول: حينئذ إنه لا يجوز لك ترك الحكم، لأنك تقول بوجوب الافتاء في كل واقعة، سيما في مثل تلك الواقعة التي حكمها واضح ظاهر، فهل تأخذ بما هو مظنون وراجح عندك، أو تأخذ بالموهوم وتترك الراجح؟
فان قلت: آخذ بمظنوني، فأنت كاذب.
وإن قلت: أترك الراجح، واخذ بالموهوم، فعلى زعمك ارتكبت القبيح، وهو عندك غير جائز.
وإن قلت: أترك الراجح عندي بأمر الشارع.
قلت: هل يجوز الشارع ترك الراجح ولا يقول بقبحه، أو لا يجوزه و يقبحه؟
إن قلت: إنه لا يقول بقبحه، فلم أنت تقول بقبحه؟ وإن يقول بقبحه، فلم ارتكبت بنفسه؟.
وخامسا: نقول هل القران كلام الله أم لا؟ لا شك أنك تقول: نعم.
ثم نقول: هل الآيات الناهية عن العمل بالمظنون عموما أو خصوصا صريحا أو فحوى من القران أم لا؟ لا محالة تقول: نعم.