فلو وقع الخلاف في أن في الامر الفلاني هل يكفي الرجل الواحد والمرأة؟ و دلت أخبار صحيحة بل مشهورة على عدم الكفاية، يلزم عليك أن لا تلتفت إلى تلك الأخبار، وتأخذ بقولهما المفيد للظن بالواقع، إذ لا ترفع يدك عن ظنك بواسطة الدليل الظني، مع أنك لا تفعل كذلك، ولو فعلت، يلزمك أن لا تعمل بالأدلة الظنية في أكثر المسائل الخلافية من المحاكمات، بل في غير المحاكمات أيضا مثلا لو علمنا بوصول النجاسة إلى الثوب، يحكم فيه بوجوب غسله، ولو سد باب العلم بالنجاسة والطهارة في موضع، وحصل الظن بوصول البول إليه بقول عادل أو فاسق أو أمارة، فمقتضى هذا الاستدلال وجوب العمل بهذا الظن ولو دل الاستصحاب أو الخبر الصحيح على عدم قبوله، وكذلك في كثير من أبواب النجاسات والطهارات وغيرها.
فان قلت: هذه الظنون ليست ظنا بالحكم الشرعي، والكلام ومقتضى الدليل إنما هو في الظن بالحكم الشرعي قلنا: لو علمت 1 بالواقع تكون عالما بالحكم الشرعي، فالظن بالواقع بعينه هو الظن بالحكم الشرعي، كما أن علمك بما جاء به النبي (ص) علم بحكمك الشرعي، وفي الظن به تدعي الظن بحكمك الشرعي فان قلت: الظن بالواقع هنا لا يستلزم الظن بالحكم الشرعي قلنا: بل هو عين الظن به، مع أنه يجري ذلك بعينه في الظن بما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إذ الظن به لا يستلزم الظن بحكمك، وسيأتي نوع بيان لذلك.
فان قلت: لما لم يعمل أحد من العلماء في هذه المواضع بظنه في الواقع مع وجود الدليل الظني على المنع منه، فلذلك لا نعمل أيضا.
قلنا: فطرح الظن الذي منع عنه الدليل الظني إجماعي، فكيف قلت أعمل