وليس لأحد أن يقول: هذه مخالفة للعامة وموافقة للخاصة، كما يظهر من صحيحة أبي بصير المتقدمة.
لأن الذي ظهر منه أن الموافقة يحصل بهما معا، لا بالأول فقط، وإنما يثبت الترجيح لو كان فعلهما معا موافقا للعامة، ومجرد المخالفة للعامة لو كان يصير منشأ للاعتبار لكان الوجه غير منحصر فيما ذكرت، بل المدار على ملاحظة ذلك بالنسبة إلى القولين، فتدبر.
وأما بعض الأخبار الذي يظهر منها نفي القنوت قبلا وبعدا فمحمولة على نفي الوجوب أو التقية أو غير ذلك.
ثم إنه يمكن تقوية تقديم القنوت على الركوع في الأخيرة أيضا نظرا إلى الإطلاقات، وإلى ما أشار إليه الصدوق (1) من أنه فتوى مشايخه رضوان الله عليهم، وأن تقديمه مما تفرد بروايته حريز عن زرارة، وظهور كون ذلك مشهورا عند القدماء من كلامه، فلم يبق من جهة ذلك الاعتماد التام على مثل الشهرة في هذا المقام.
فإن قلت: هذا قول ثالث ولا يجوز خرق الاجماع.
قلت: ممنوع، لأن الصدوق ليس كلامه نصا في خلاف المشهور من جهة نفس القنوت، وعدده، فليس بقول ثالث، فتأمل.
فغاية الأمر التخيير، إلا أن نقل ذلك عن المشايخ بطريق واحد لا يقاوم ما ظهر من أكثر علمائنا القول بخلافه، مع كثرة الروايات، كما ذكرنا، سيما وهو في المقنع (2) موافق للمشهور على ما نقل عنه.
فالأقرب إذن قول المشهور.
ومما ذكرنا يظهر الاستدلال على ما نقل من ظاهر ابن أبي عقيل، والجواب عنه.