الضرر أقل، إذ المراد بالحرج المشقة التي لا تتحمل عادة وبديهي ان الوقوع في الضرر لا يستلزم ذلك مطلقا، أضف إليه ان أقلية المورد انما توجب التقديم لو كانا متضادين، بحيث يلزم من تقديم الأكثر موردا، عدم بقاء المورد للأقل، لا في مثل المقام مما لو قدمنا قاعدة نفى الحرج، لا يلزم طرح قاعدة لا ضرر، بل يبقى لها مورد وهو مورد توافقهما.
واما الوجه الرابع: وهو المعاملة معهما معاملة المتزاحمين الذي اختاره المحقق الخراساني، فيرد عليه: ان التزاحم انما هو بين الحكمين، والقاعدتان نافيتان للأحكام ولا يثبت بشئ منهما حكم أصلا فلا معنى للتزاحم، وان أريد به التزاحم بين المقتضيين، فيرده ان باب تزاحم المقتضيين غير مربوط بباب تزاحم الأحكام.
وعلى هذا فان تم ما يخطر بالبال عاجلا من أنه من جهة ان القاعدتين لهما الحكومة على الأحكام المجعولة، ولا حكومة لهما على عدم الحكم، انه في موارد الدوران بينهما كما في المثال، لا يخلو الامر من أن التصرف المذكور، اما ان يكون مباحا غير محرم مع قطع النظر عن القاعدتين، وهو ما إذا لم يكن تصرفا في مال الجار ولا متلفا لما له، كما إذا حفر بئرا في داره قريبا من بئر الجار وصار ذلك سببا لنقص ماء بئر الجار، أو يكون محرما غير مباح كما لو استلزم تصرفا في مال الغير، وعلى التقديرين لا مورد الا لإحدى القاعدتين إذ ليس إلا حكم واحد والاخر عدم الحكم، ففي الفرض الأول هو السلطنة على المال، وفى الثاني حرمة الاضرار بالغير.
فإذا كان حكم، كسلطنة المالك على ما له، حرجيا أو ضرريا يشمله ما دل على نفى الحرج أو دليل نفى الضرر، ويرفع ذلك، ولو فرضنا ان عدم ذلك الحكم كان كذلك كما في المثال، لا يكون ذلك مشمولا لشئ منهما ولا يثبت به ذلك الحكم، لان عدم الحكم وعدم السلطنة ليس مجعولا حتى يرتفع بإحدى القاعدتين، فالقاعدتان لا تجتمعان في مورد.
وعلى فرض التنزل وتسليم تواردهما على مورد واحد واجتماعهما في محل واحد، بالبناء على أنه كما يرتفع بكل من القاعدتين الأحكام المجعولة، كذلك يرتفع بهما