فيكون نظير عدم قدرة المحكوم له على الامتثال حيث إن العقل حاكم بالأخذ باحتمال الحكم، ولا يرى مجرى البراءة الا مورد الشك في أصل الاقتضاء.
وفيه: انه لم تم ذلك بالإضافة إلى البراءة العقلية، لا يتم بالإضافة إلى البراءة الشرعية فان مقتضى اطلاق أدلتها، ارتفاع الحكم في كل مورد شك فيه، ومع الشك في الضرر حيث إنه يشك في الحكم، فلا محالة تجرى البراءة، ولا مورد لأصالة الاحتياط.
فالصحيح ان يقال، انه إذا كان الواجب مما له بدل كالوضوء فإنه لو سقط وجوبه ينتقل الفرض إلى التيمم، أو كان الواجب مما يجب قضائه لو سقط وجوبه كالصوم، لا يجرى الحديث قطعا: فإنه لو بنينا على أن الميزان هو الضرر الواقعي، ففي هذه الموارد بما ان لازم جريانه هو الجمع بين المبدل والبدل، وفعل الشئ وقضائه ولا تصل النوبة إلى جريان البراءة عن المبدل، وفعل الشئ: العلم الاجمالي بوجوب أحدهما، وهو خلاف الامتنان، فلا يجرى، نعم من لا يرى منجزية العلم الاجمالي في التدريجيات خصوصا فيما إذا كان المعلوم بالاجمال على تقدير غير فعلى وبلا ملاك كما في قضاء الصوم، لا محالة يشك في الوجوب ويجرى أصالة البراءة عنه، وعلى ما ذكرناه فمقتضى اطلاق دليل الواجب وجوبه، ولعله إلى هذا نظر صاحب العروة.
ويمكن ان يذكر وجه آخر لكون المورد من موارد التمسك باطلاق دليل الواجب لا البراءة حتى مع كون المنفى في الحديث هو الضرر الواقعي، وذلك لأنه يجرى فيه استصحاب عدم حصول الضرر بفعله بناءا على ما هو الحق من جريان الاستصحاب في الأمور الاستقبالية، على ما أشبعنا الكلام فيه في مبحث الاستصحاب.
فالمتحصل مما ذكرناه انه في موارد الشك في الضرر يبنى على عدمه فيرجع إلى اطلاق، أو عموم دليل ذلك الحكم، كدليل وجوب الوضوء، والصوم، ونحوهما.
نعم في خصوص باب الصوم بنينا على جواز الافطار مع الظن بالضرر كما هو المشهور، بل ومع احتماله، من جهة ان المأخوذ في جملة من النصوص موضوعا لجواز