الأدلة المتقدمة لا تدل على عدم الحرمة، ولكن يمكن ان يستدل له بان أطراف الشبهة إذا كانت كثيرة بحد كان احتمال انطباق المعلوم بالاجمال على كل طرف احتمالا موهوما، بالنحو الذي عرفته لا يكون مثل هذا العلم بيانا عند العقلاء، وعليه فهو في حكم العدم فلا يحرم المخالفة القطعية.
ومما ذكرناه يظهر انه في الشبهة غير المحصورة يسقط حكم الشك عن كل واحد من الأطراف أيضا، بحيث يكون الشك في كل واحد منها كلا شك، فلو كان حكم الشك في نفسه لزوم الاحتياط، كما في الأموال والدماء والفروج حيث لا يجوز على المشهور الاقتحام في الشبهات البدوية في هذه الأبواب الثلاثة، لا يترتب على الشك في أطراف الشبهة غير المحصورة، وعلى هذا بنينا على جواز الوضوء من الأواني غير المحصورة عند العلم الاجمالي بإضافة أحدها مع أنه لا يجوز التوضي بما يشك في أنه مضاف أو مطلق، لعدم احراز الشرط في صحة الوضوء من اطلاق الماء.
واما على ما افاده المحقق النائيني في وجه عدم وجوب الاحتياط في المقام من التعليل بأنه لا يحرم المخالفة القطعية لعدم التمكن منها، ولا تجب الموافقة لأنه تابع لها، يكون العلم كلام علم، فالشك متحقق، وبنفسه مورد لقاعدة الاشتغال، فحكمه بصحة الوضوء بأحد الإناءات في المثال لا يبنى على ما أسسه، وتعليله ما أفتى به بان المعلوم عند العقلاء كالتالف، لا يظهر معناه مع وجوده بجميع خصوصياته الشخصية.
تذييل إذا كانت الشبهة كثيرة في كثير، كما لو كان المعلوم مائة وأطراف الشبهة خمسمائة، فهل يجب الاحتياط، أم لا؟ الظاهر أن ذلك يختلف باختلاف المباني، فإنه على ما ذهب إليه الشيخ الأعظم (ره) وتبعناه يجب الاحتياط، في المقام لان احتمال انطباق المعلوم بالاجمال على كل طرف ليس احتمالا موهوما لا يعتنى به العقلاء، فإنه من قبيل تردد الواحد في الخمسة، وعلى مسلك المحقق النائيني من أن الضابط عدم التمكن من المخالفة القطعية، لا يجب لعدم التمكن منها فان المخالفة القطعية، انما تكون بارتكاب أربعمائة وواحد.