المحقق الأصفهاني، من أن المعذورية في ارتكاب أحد الأطراف ورفع عقاب الواقع عند المصادفة ينافي بقاء عقاب الواقع على حاله حتى يحرم المخالفة القطعية.
فإنه يرد عليه انه بعد تسليم وجود التكليف الواقعي على حاله، غاية ما يمكن للشارع الترخيص في المخالفة الاحتمالية، واما الترخيص في المخالفة القطعية وعدم العقاب على ارتكابهما فليس له ذلك ثوبتا، من غير فرق بين ان يكون الترخيصان بدليل واحد، أو بدليلين.
2 - ما ذكره المحقق النائيني من أن ارتكاب المكلف للحرام هذا الحال يكون مصداقا للاضطرار ويحمل عليه بالحمل الشايع الصناعي.
فإنه يرد عليه ان متعلق الاضطرار وما يترتب عليه الضرر هو الموافقة القطعية والجمع في الترك، وحيث إن وجوب الموافقة القطعية انما يكون بحكم العقل، ومن باب وجوب دفع الضرر المحتمل، ولا يرتفع حكم العقل الا بارتفاع منشأ انتزاعه، فلا بد من كون العقاب مرفوعا عن أحد الفعلين في المحرمات وترك أحدهما في الواجبات، ولا يكون ذلك لا بجعل الترخيص، وحيث إن الترخيص الظاهري يكفي في ذلك، والضرورات تتقدر بقدرها، فلا محالة يكون هو المجعول الواقعي كي ينافي مع اطلاق دليل الحرمة.
أضف إلى ذلك أن الترخيص انما جئ من ناحية الجهل بمتعلق التكليف ومثل هذا الحكم لا محالة يكون ظاهريا، ومتعلقه انما هو أحدهما بنحو صرف الوجود المنطبق على أول الوجودات، إذ به يرفع الاضطرار فيكون هو المرخص فيه دون الثاني، ولا يلزم الترجيح بلا مرجح.
3 - ما افاده المحقق الخراساني المتقدم ذكره، فإنه يرد عليه ان الترخيص ليس واقعيا فلا ينافي مع الالزام المعلوم.
ثم لا يخفى انه فرق بين الواجبات والمحرمات من جهة انه في الثانية يكون أول الوجودات مرخصا فيه لما مر، وفى الأولى يكون المرخص فيه ترك آخر الوجودات إذ الضرر في الواجبات انما يترتب على الجمع في الفعل، وفى باب المحرمات على الجمع