الثالث: ان الرفع بالنسبة إلى غير ما لا يعلمون واقعي، وبالنسبة إلى ما لا يعلمون رفع ظاهري توضيح ذلك أن الرفع في غير ما لا يعلمون يكون واقعيا لظهوره في ذلك وعدم معقولية كونه ظاهريا في جملة منها - ودعوى - انه على هذا تكون النسبة بين كل واحد من أدلة الأحكام الواقعية، وبين الحديث عموما من وجه فلا وجه لتقديمه - مندفعة - بان الحديث حاكم عليها لأنه بلسان نفى الموضوع وتضييقه بالنسبة إلى تلك الأدلة، وقد ثبت في محله تقديم الحاكم على المحكوم - مع - ان النسبة بين كل واحد منها وبين الحديث، وان كانت عموما من وجه، الا ان النسبة بينه وبين جميعها عموم مطلق، فيدور الامر بين تقديم جميعها عليه - وتقديمه عليها - وتقديم بعضها عليه تقديمه على بعضها، والأول مستلزم لعدم بقاء المورد له، والأخير مستلزم للترجيح بلا مرجح فيتعين الثاني.
واما فيما لا يعلمون ففي موارد الشبهة الحكمية، لا يعقل كون الرفع واقعيا، لاستلزامه اختصاص الأحكام الواقعية بالعالمين بها، وقد عرفت في أوائل هذا الجزء، ان اخذ القطع بالحكم في موضوع نفسه مستلزم للخلف ولا يمكن - مضافا - إلى الأدلة الدالة على اشتراك الأحكام بين العالمين والجاهلين.
واما في موارد الشبهة الموضوعية وان كان لا يلزم من الالتزام بكون الرفع واقعيا المحذور المتقدم، الا ان المعلوم من مذاق الشارع والأئمة عليهم السلام، بل المستفاد من الأدلة ثبوت الأحكام في حال الجهل مطلقا ولو كان الشك بنحو الشبهة الموضوعية، فيكون الرفع ظاهريا.
والمراد به رفع وجوب الاحتياط، توضيح ذلك أنه حيث يكون وضع الحكم الواقعي في حال الجهل على رقبة العبد بايجاب الاحتياط، فكذلك، له ان يرفعه بعدم ايجابه، وان شئت فقل انه كما أن ايجاب الاحتياط وضع للواقع بجعل الحكم الطريقي كذلك عدم ايجابه مع ثبوت المقتضى للوضع رفع للواقع، فالرفع فيه أيضا مستند إلى الواقع ولا يكون المقدر وجوب الاحتياط.
ثم انه لا مانع من الالتزام بكون الرفع واقعيا بالمعنى الأول فيما إذا كان الشك في