المقصد الثامن في الأصول العملية وهي القواعد المجعولة في ظرف الشك في الحكم الواقعي وعدم امارة عليه، وقبل الشروع في مباحث هذا المقصد لا بد من بيان أمور.
الأول: ان المحقق الخراساني عرف الأصول العملية بقوله، وهي التي ينتهى إليها المجتهد بعد الفحص واليأس عن الظفر بدليل مما دل عليه حكم العقل أو عموم النقل انتهى.
وذلك انما يكون من جهة ما ذكره في أول الكفاية، من أن تعريف القوم للمسائل الأصولية بأنها القواعد الممهدة لاستنباط الأحكام الشرعية، غير تام، لاستلزامه استطرادية مسائل الأصول العملية.
وقد مر في أول الجزء الأول من هذا الكتاب، انه بعد تعميم الأحكام الشرعية إلى الواقعية، والظاهرية، تدخل الأصول العملية في القواعد الممهدة للاستنباط فكما ان حجية خبر الواحد تقع كبرى لقياس الاستنباط، ويستنبط منها الأحكام الواقعية، كوجوب جلسة الاستراحة، ووجوب السورة في الصلاة وما شاكل، كذلك حجية أصالة البراءة، أو الاستصحاب، تقع كبرى لقياس الاستنباط، ويستنبط منها الأحكام الظاهرية، كجواز شرب التتن وما شاكل، بلا فرق بينهما، غاية الامر ان الحكم المستنبط من الأولى واقعي، ومن الثانية ظاهري.
فان قيل إن ما ذكر انما يتم في الأصول الشرعية، واما الأصول العقلية، كقاعدة قبح العقاب بلا بيان في الشبهة البدوية، ووجوب دفع الضرر المحتمل، في الشبهة المقرونة