هو من لوازم ذاته، اختاره صاحب الكفاية، حيث قال، وتأثيره في ذلك لازم وصريح الوجدان به شاهد وحاكم 2 - ان ذلك انما يكون بحكم العقل والزامه، اختاره المحقق الخراساني في التعلقية 3 - انه انما يكون ببناء العقلاء اختاره المحقق الأصفهاني.
والحق هو الأول فان العقل بعد القطع بالحكم، يرى أن مخالفته مناف لذي الرقية، وخروج عن رسم العبودية، وهتك لحرمة المولى وظلم عليه، والعمل على وقفه عمل بوظيفة العبودية، ولهذا يدرك العقل انه لو عاقبه المولى على مخالفته لم يعد قبيحا، بل يحسن ذلك لعدم منافاته للحكمة، - وبعبارة أخرى - ان العقل كما يدرك استحالة العقاب من الحكيم في صورة عدم العصيان لكونه عقابا بلا بيان، ومنافيا للحكمة، كذلك يدرك صحته وامكانه في صورة العصيان لعدم التنافي بينه وبين الحكمة بل بينهما كمال الملائمة، وهذا الدرك العقلاني انما هو كدرك العقل امتناع اجتماع الأمر والنهي، أو جوازه.
واستدل المحقق اليزدي (ره) في دوره لعدم جعل الحجية للقطع: بأنه لو قلنا باحتياجها إليه لزم التسلسل، لان الامر بمتابعة هذا القطع لا يوجب التنجز بوجوده الواقعي، بل لا بد من العلم، وهذا العلم أيضا كالسابق يحتاج في التنجيز إلى الامر وهكذا.
ولكن يرد عليه ان الامر الثاني وان كان وصوله مما لا بد منه في تنجيز الامر الواقعي المعلوم، الا انه لا تنجز له حتى يحتاج تنجزه إلى الجعل فإنه امر بداعي تنجز الامر الأول - وبعبارة أخرى - ان جعل المنجزية للقطع لا يكون من الأحكام المتعلقة بفعل المكلف حتى يتصور فيه المخالفة فتوجب استحقاق العقاب بل هو من الأحكام الوضعية التي لا مخالفة لها، وعليه فلا معنى لمنجزيته حتى يحتاج إلى جعل آخر فلا يلزم منه التسلسل، فالصحيح ما ذكرناه.
واما القول الثاني: فيرده ان شان القوة العاقلة، ليس هو البعث والتحريك، والالزام، بل شانها ادراك الأشياء، بل الالزام والبعث التشريعي وظيفة المولى، نعم الانسان يتحرك نحو ما قطع بكونه نفعا له، ويحذر عما يراه ضررا، ولكن ذلك ليس بالزام العقل