الشريعة بنحو القضايا الحقيقية، ومن جملة تلك الأحكام، الاحكام الأصولية، فإذا فرضنا ان الخبر الموثق المتضمن للحكم الكلى، كوجوب جلسة الاستراحة فهم المجتهد من الأدلة حجيته، يفتى بحجية الخبر الموثق، ويرجع المقلد إليه في ذلك من باب رجوع الجاهل إلى العالم، ويبين ان هذا الخبر ظاهر في الوجوب ولا معارض له، ويرجع المقلد في ذلك أيضا إليه من باب الرجوع إلى أهل الخبرة، فيعمل المقلد به.
وبذلك يظهر انه حاجة إلى ما ذكره (قده) في رد هذا المحذور بقوله ان أدلة الافتاء والاستفتاء يوجب تنزيل المجتهد منزلة المقلد فيكون مجيئ الخبر إليه بمنزلة مجيئ الخبر إلى مقلدة ويقينه وشكه بمنزلة يقين مقلده وشكه فالمجتهد هو المخاطب عنوانا والمقلد هو المخاطب لبا انتهى.
مع أنه يرد عليه انه لا دلالة لأدلة الافتاء على هذا التنزيل فتدبر.
الثالث: عدم قدرة المقلد على العمل بالخبر الواحد، وعلى الفحص اللازم في العمل بالأصول.
وفيه: ان العمل بالخبر الواحد هو الاتيان بالفعل الذي دل الخبر على وجوبه، وهذا مما يقدر عليه المقلد، وانما لا يقدر على الاستظهار من الدليل، وقد عرفت انه له ان يرجع إلى المجتهد في ذلك من باب كونه شرطا في الاخذ بالأحكام المتعلقة بالشك، بل الحكم متعلق بالشك الذي لا يكون في مورده دليل، والفحص انما يكون لاحراز ذلك، فيكون نظر المجتهد في تعيين ذلك متبعا للمقلد لكونه أهل الخبرة متبعا للمقلد، فالأظهر ان هذه الأحكام كالأحكام الأولية مشتركة بين المجتهد والمقلد لاطلاق أدلتها.
ونتيجة ما اخترناه ان للمجتهد ان يقر المقلد على الشك ويقول له لا تنقض اليقين السابق بالشك، كما أن له يجرى الاستصحاب عنه لليقين والشك ويفتى بما يستخرجه من الاستصحاب، وهذا بخلاف القول بالاختصاص فإنه ليس له ذلك.
ويترتب عليه انه إذا فرضنا في مورد كون حكم متيقنا سابقا، ومشكوكا فيه لا حقا والمجتهد يرى ظهور رواية في خلاف الحكم السابق، والمقلد يعلم بخطائه واشتباهه،